صراحة الرئيس السيسي مع شعبه

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما يجعل المصريين أكثر صبراً على قبول الشدائد، يقينهم الداخلي بأنه لم يعد أمامهم خيار آخر، سوى أن يجترعوا المر لعل فيه شفاءهم، وقد ساعد المصريين كثيراً على قبول هذه الحقيقة رغماً عن أنفسهم، صراحة الرئيس عبد الفتاح السيسي ووضوحه، وشدة حسمه وإصراره على أن يجترع المصريون هذه الجرعة الصعبة، التي رفعت أسعار الطاقة مرة واحدة بأكثر من 50 في المئة، زاد عليها ارتفاع سعر الكهرباء والماء والمواصلات، فضلاً عن ثقتهم الشديدة بأن الرئيس مكره لا بطل، لا يريد لأهله وناسه هذه المعيشة، لكن ما باليد حيلة.

لقد استنفد المصريون سابقاً كل الفرص والحيل، ولم يعد أمامهم سوى الانصياع لمتطلبات الإصلاح الاقتصادي، لأن عدم الانصياع، يعنى الإفلاس والفوضى وسقوط الدولة والقانون، والعودة مرة أخرى إلى مجتمع الغابة، لقد جربنا هذا الحالة الصعبة عقب ثورة يناير، وكانت نتيجتها هذا الكم المخيف من الجرائم والخراب والمخالفات، التي أكلت أرض مصر الزراعية!، وهذا الحجم الضخم من العشوائيات التي تحاصر حياتنا وتشل يد الإصلاح.

والواضح أن المصريين يحاولون قدر استطاعتهم أن يتعايشوا مع ظروفهم الصعبة الجديدة، تغيرت العلاقات بين الناس، وتغيرت الأجور طواعية دون قانون، ووصل أجر العاملة في البيت إلى ما يزيد على أربعة آلاف وخمسمئة جنيه في حده الأدنى عن 30 يوم عمل في الشهر، ولا أحد يموت في مصر جوعاً دون عشاء، لكن الحياة شاقة وصعبة، وهذا ما يعرفه جيداً الرئيس عبد الفتاح السيسي، ليس فقط لأنه نشأ في حي الجمالية، أكثر أحياء القاهرة شعبية، أو لأنه يملك الآن القدرة على أن يعرف كل صغيرة وكل كبيرة، ولكن لأن الأوضاع واضحة مكشوفة لكل العيان، ولأن الجميع يعانون، وأكثر من يعانون الآن، بقايا الطبقة المتوسطة، الذين يعيشون على دخول ثابتة، أغلبها ميراث قديم لأرض أو عقار تآكلت قيمته وكثر مستفيدوه، تحسبهم من فرط اعتزازهم بالنفس والتعفف أغنياء، لكنهم أحوج الجميع الآن إلى مظلة أمن اجتماعي، تكفل لهم الأمن والكرامة، وأعظم ما في هذه الصورة التي تكتنفها ظلال رمادية وسوداء، تكاد تكون المسحة الغالبة، أن الجميع يشهدون من مواقعهم تباعدت أو تقاربت تباشير صباح جديد يشرق على مصر وهى أحسن حالاً، تبدل وضعها القديم بوضع جديد، تنخفض فيه معدلات البطالة إلى حدود تقل عن 11 في المئة، ويزداد فيها حجم الداخلين الجدد إلى سوق العمل بما يقرب من ثلاثة ملايين عامل يعملون في المشروعات الجديدة، وتنخفض فيها معدلات التضخم، ربما للمرة الأولى إلى حدود تقل عن 10 في المئة، وكانت نسبته قد وصلت قبل عدة شهور إلى 35 في المئة، ويتجاوز فيها حجم الاستثمارات المباشرة 20 مليار دولار، ويزيد حجم الاحتياطيات النقدية على 44 مليار دولار، وتتفوق فيها أرقام الصادرات على أرقام الواردات، بما يؤكد أننا على الطريق الصحيح، في ظل حكومة جديدة، يرأسها المهندس مصطفي مدبولي، تعرف أن مهمتها الأساسية هي إعادة بناء الإنسان المصري.

ويملك رئيس مجلس الوزراء الجديد، المهندس مصطفي مدبولي، بحكم تجربته كأنجح وزير للإسكان عرفته مصر طوال تاريخها، أبعاداً إنسانية وجمالية، جعلت من الإسكان عملية ارتقاء بالمسكن والحياة والذوق والمسلك الاجتماعي والجيرة الجغرافية، وأعطت لجموع المستفيدين حقها الإنساني في أن ترى وتعيش جمال بلادها في مواقع تتسم بالفسحة والجمال، يفصلها عن قبح الواقع مساحات واسعة خضراء، تنهض عليها مدارس وأندية وملاعب ودور رعاية أنيقة، تجمع في هندستها بين البساطة والجمال، ورئيس مجلس الوزراء الجديد، هادئ الطبع، كثير الإنصات قليل الكلام، شأنه شأن سلفه، رئيس وزراء مصر السابق المهندس شريف إسماعيل، إنسان فاخر بمعنى الكلمة.

عايش وأدار هذا الحجم الضخم من الإنجازات الذي لم تشهد له مصر مثيلاً، ابتداء من حقل ظهر المعجزة، إلى أنفاق القناة العملاقة، إلى شبكة الطرق القومية، شرايين الحياة الاقتصادية الجديدة، إلى مشروعات الاستثمار الصناعي، التي تشكل صادراتها واحداً من أهم إنجازات عصرنا الراهن.

الاثنان، السابق المهندس شريف إسماعيل، واللاحق المهندس مصطفي مدبولي، يتفقان في أنهما جاءا إلى مواقعهما القيادية من عمق تجارب ناجحة غنية، تحمل بصمتيهما التاريخية، الأول في البترول، والثاني في الإسكان، وإن اختلفت مهامهما كثيراً، لأن مهمة رئيس مجلس الوزراء السابق، المهندس شريف إسماعيل، كانت تخلص في إرساء قاعدة أساس قوية في مختلف المجالات، تقوم عليها مشروعات التنمية المستدامة، وقد حقق ذلك على أكمل وجه، وترك لنا قاعدة ارتكاز قوية، تستند إلى تخطيط علمي سليم، وضع ضمن أولوياته قضية الطاقة، أما مهمة رئيس مجلس الوزراء الجديد، المهندس مصطفي مدبولي، فقد تحددت على نحو واضح، لا لبس فيه، بأنها إعادة بناء الإنسان المصري، من خلال إعادة تنظيم التعليم والخدمات الصحية، وفق نظم أداء حديثة.

كاتب ومحلل سياسي

Email