بناء الإنسان مهمة الرئيس السيسي

ت + ت - الحجم الطبيعي

في خطاب شديد التركيز شديد الشفافية شديد الوضوح في أهدافه ورسائله ومراميه لم يستغرق أكثر من 15 دقيقة، حدد الرئيس عبد الفتاح السيسي الملامح الأساسية لفترة حكمه الثانية التي اختار لها عنواناً عريضاً هو (إعادة بناء الإنسان المصري)، مؤكداً أن أروع أيام مصر هي أيامها القريبة المقبلة، بعد أن ألقى اليمين الدستورية أمام مجلس النواب لأول مرة بعد 13عاماً تأكيداً على أن الدولة المصرية الحديثة قد استكملت كل مؤسساتها الدستورية.

وصف الرئيس السيسي في بداية خطابه لوحة الوطن الراهنة بأنها رائعة الجمال والكمال، تُثبت عراقة هذا الشعب العظيم وقدرته على تحدي التحدي، وقد ازدانت بأزهرها الشريف منبر الوسطية والاعتدال وبالكنيسة المصرية العريقة رمز السلام والتسامح، يحميها رجال الجيش البواسل وشرطتها الأبطال الذين قدموا التضحيات الغالية كي ينعم شعب مصر بالأمن والاستقرار، ويظل مرفوع الرأس والهامة لأنه أعاد الأمن والاستقرار إلى الوطن ورسخ وجودهما تأكيداً على نهوض الدولة القوية القادرة على فرض احترام القانون على الجميع، ولأنه أقام وسط هذه التحديات الهائلة دولة عصرية حديثة تقوم على أسس الحرية والديمقراطية، تسع جميع المصريين بكل تنوعاتهم وثرائهم الحضاري، وتؤمن بأن كل اختلاف وكل تنوع في الرأي هو في الحقيقة قوة مضافة، تجعل الشاغل الأول للمجتمع المصري قبول الآخر وخلق مساحة مشتركة بين كل فرقاء الوطن تتعاظم على نحو مستمر ومتزايد لتحقيق التوافق والتكافل والسلام المجتمعي الذي يمكن كل المصريين دون استثناء من المشاركة في تحقيق تنمية سياسية واقتصادية حقيقية، وربما كان أهم ما أكده الرئيس السيسي في خطابه أن مصر تستطيع برحابة أن تستوعب الجميع، لا تعزل ولا تستثني أحداً من أبنائها إلا من اختار العنف والإرهاب والفكر المتطرف سبيلاً لفرض إرادته وسطوته..

ولأن المرحلة المقبلة هي مرحلة إعادة بناء الإنسان المصري حدد الرئيس السيسي مهمتين أساسيتين تتصدران الاهتمام العام، أولاهما: نظام تعليمي جديد لا يقوم على الحفظ والاستظهار، يربي ملكات وقدرات الإنسان المصري منذ مراحل تعليمه الأولى على حسن استخدام عقله بما يمكنه من التمييز الواضح بين الخطأ والصواب والخير والشر ويجعله قادراً على قبول الآخر متطوراً منفتحاً يفهم حاجات عصره ويؤهل قدراته على نحو مستمر لقبول تحديات هذا العصر، ويمكن مصر من بناء جيل جديد يغيّر معادلة التعليم العام لتصبح الأولوية الكاملة لتعليم فني حقيقي في مدارس فنية معدة على نحو جيد، ترتبط على نحو متكامل بنظام الإنتاج وعنابر المصنع، لأنه لا معنى لأن تستمر معاهد مصر التعليمية في تخريج أفواج متتابعة من خريجي الكليات والمعاهد النظرية لا يحتاجهم سوق العمل الذي يعاني ندرة شديدة في التخصصات العلمية والمهنية، والمهمة الثانية هي تحسين جودة صحة الإنسان المصري والارتقاء بخدمات الصحة، لأن العقل السليم في الجسم السليم خاصة أن مؤشرات الصحة العامة تشير بوضوح بالغ إلى مخاطر زيادة أمراض التقزم وفقر الدم، وسوء البنية الجسدية لأطفال مصر بسبب نقص التغذية والرعاية الصحية، وما من شك في أن الذين خاضوا ويخوضون الآن تجربة ناجحة مع فيروس سي الكبدي التي كانت قد وصلت نسبة الإصابة به إلى حدود 15 في المائة في الريف المصري، قادرون على تحسين الخدمة الصحية خاصة إنها تتمتع الآن ببنية أساسية مكتملة من المستشفيات والوحدات الصحية تغطي الريف المصري بكامله.

وإذا كان بناء الإنسان المصري على أساس شامل ومتكامل بدنياً وعقلياً وثقافياً بما يمكنه من استعادة هويته المصرية هو الأهم في فترة حكم الرئيس السيسي الثانية، تصبح ملفات وقضايا التعليم والثقافة موضع حوار مجتمعي صريح لإقرار حزمة المشروعات المطلوبة على مستوى قومي، مع ضرورة استمرار مسيرة الإصلاح الاقتصادي لنهايتها مهما تكن المصاعب، وتوفير شبكة الأمان الاجتماعي التي توفر فرص حماية الفئات الأقل قدرة كي تكون جزءاً من مسيرة التقدم، ويظل هدف توفير مليون فرصة عمل كل عام يغطي تراكم نسب البطالة القديمة وتمكن الداخلين الجدد إلى سوق العمل من فرص عمل منتجة هو الهدف المستمر الذي يسبق كل الأهداف، ويتطلب من جميع المصريين جهداً مستمراً غير مسبوق، يرفع معدلات التنمية إلى نسب تتجاوز 8 في المائة ضماناً لتحقيق جودة الحياة لكل المصريين.

كاتب ومحلل سياسي

Email