المزروعي وكرامة وطن

ت + ت - الحجم الطبيعي

لعل من أهم مقاييس القيادة الناجحة هي قربها من الشعب، وتحسّسها لاحتياجاته، واستجابتها السريعة لهذه الاحتياجات، سواء أكانت هذه الاحتياجات فردية أو تتعلق بشريحة ما من المجتمع.

وقد نشأت دولة الإمارات وهي تضع المواطن في أولوياتها، فسخرت كل إمكاناتها لتسهيل حياته وتلبية متطلباته، وقد كان أبونا الشيخ زايد، رحمه الله، مدرسة نموذجية ورائدة في قربه من المواطنين وسعيه إلى إسعادهم، فكانت أيامه تشهد ومواقفه تشهد وأقواله تترجم إلى واقع يبعث الإشراق والسعادة في قلوب أبنائه، حتى صدحوا باسمه أينما كان بـ(بابا زايد) فاستحقوا لقب (عيال زايد)، وبذلك لم تكن العلاقة بينه وبيننا نحن شعبه سوى العلاقة بين (الأب وأبنائه).

وقد نهلت القيادة الحكيمة من مدرسته وعاهدته في الحضور والغياب على أن تتبع خطواته ونهجه، وأن تبني وتعمر من أجل وطن يسعد المواطن ويرفع رأسه ويكون الرقم واحد بين دول المنطقة، ويكون المواطن الأسعد بين مواطني العالم.

قيادة تحلم بسعادة المواطن وتبدع وتبتكر وترسم لغده ومستقبله ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، فكيف تغفل عن مواطن شكا للإذاعة ظروفه المعيشية؟ خصوصاً وأن بعض البرامج موضوعة خصيصاً لتكون نافذةً يطل منها المواطن على المجتمع، ويوصل من خلالها رأيه للقيادة والمسؤولين لحل هذه المشكلة أو تلك كي تذلل العقبات، ويتم حل المشكلات التي لا يكاد أي مجتمعٍ في العالم يخلو منها حتى المجتمعات الأوروبية المتقدمة هناك جسور توصل صاحب المشكلة للجهات المعنية كي يتم تدارسها وإيجاد الحلول لها بشكل واقعي.

ولعل حكاية المواطن علي المزروعي من الحكايات التي تجعلنا نشعر بالفخر بقيادتنا وسماحتها وكرمها واعتزازها بالمواطن، وتلبيتها احتياجاته بشكل عاجل، والنظر فيما طرحه هذا المواطن البسيط ليكون درساً في القيادة والإعلام، وبما يجسد القيم النبيلة في مجتمعنا الناهض.

وبدأت الحكاية حين اتصل المواطن علي محمد المزروعي على إذاعة عجمان (راديو الرابعة) وعرض شكواه من غلاء المعيشة، وكان أسلوب المذيع في الكلام معه غير مناسب، مما جعل سمو الشيخ عمار بن حميد ولي عهد عجمان يوجه بإيقاف المذيع عن العمل، وما إن تناهى الخبر إلى سمع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله، حتى أمر بتلبية احتياجات المواطن علي المزروعي بشكل فوري، وتلبية كافة متطلبات العيش الكريم له ولأسرته خلال 24 ساعة، ورفع تقرير عاجل لسموه، كما أمر سموه وزيرة تنمية المجتمع بعرض تقرير مفصل وعاجل أمام اجتماع مجلس الوزراء القادم بكافة احتياجات المواطنين من أصحاب الدخل المحدود، وعرض مرئيات واضحة لخطة الوزارة بهذا الخصوص.

وفي اليوم التالي طالعتنا الصحافة باستقبال صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان، للمواطن علي المزروعي، وصورتهما معاً في مكتب سموه.

هذه هي قيادتنا الرشيدة، قيادة تتقبل نقد المواطن برحابة صدر، مؤمنة كل الإيمان بحق المواطن في التعبير عن رأيه، وأن ليس بينها وبين المواطن ما يحجب الرؤية أو يضببها، قيادة تسير للأمام على نهج باني الإمارات وموحدها أبينا الحاضر الغائب الشيخ زايد، رحمه الله وعطّر ثراه.

فهنيئاً لأخينا المزروعي بهذا الاهتمام، وهنيئاً لشعبنا ما تبذله القيادة الرشيدة من جهود لإسعاده، منها ما نسمعه ونراه، ومنها ما تخطط له لمستقبلنا وأجيالنا القادمة.

وقد ننام بعد أن ننجز ما علينا من واجبات، لكن قيادتنا تظل ساهرة لأنها تحمل أمانة شعبٍ، تضحي كي يكون أسعد شعبٍ في العالم. قيادة ترى أن كرامة المواطن وأمنه وراحته فوق كل اعتبار. قيادة جعلت من أرضنا بناءً يرتفع ونخيلاً يتشابك ومزارع ورد وحقولاً ومدائن من نورٍ وفكرٍ وعلمٍ وألق.

قيادتنا حرصت على الوفاء لنا، فلا نملك إلا الشكر والوفاء، وتظل دار زايد عامرة معمورة ومحصنة باسم الرحمن الرحيم الذي يحفظها ويرعاها ويسدد للخير خطاها.

 

 

Email