يوم المرأة

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع تطوّر المجتمعات على امتداد العالم، والتقدّم الفكري والحضاري، سعت المرأة لأن تنال جميع حقوقها، على قدم المساواة مع الرجل، في التعليم والعمل والحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية، وكان أبرز أنشطتها في هذا المجال، المسيرات الاحتجاجية للآلاف من عاملات النسيج الأميركيات، اللاتي خرجن في الثامن من مارس عام 1908 إلى شوارع نيويورك، مطالبات بحقوقهنّ في تخفيض ساعات العمل، وفي الاقتراع، فاعتُبِر هذا اليوم من كلّ عام، يوماً عالمياً للمرأة، يحتفل به العالم أجمع.

لكن.. هل نحن بحاجة إلى يوم للمرأة، لكي نتذكّر فيه أنّ علينا الاحتفال بها، أو تقديم الشكر لها على ما تبذله من عطاء منقطع النظير؟!

المرأة لا تحتاج إلى يوم واحد خاص بها.. فهي كلّ الحياة، وهي صاحبة الحضور الأقوى والأكبر في كلّ أيام السنة، وهي في مجتمعنا الإماراتي مقدّرةٌ أيّما تقدير، وحاصلةٌ على جميع حقوقها، وتنال كلّ الاحترام والتكريم، لا سيّما من القيادات العليا في الدولة، حتّى إنّها استطاعت أن تكسب ثقةَ القادة والمجتمع، وإيمانَهم بإمكاناتها القيادية والتنموية والإدارية، فتولّت أعلى المناصب القيادية، وباتت وزيرةً ومديرةً وسيّدةَ أعمال، وعملت في وظائف كانت حكراً على الرجل، فأصبحت ناجحة في سلك القضاء والمحاماة، ومختلف مجالات الهندسة، واستطاعت أن تصبح قائدة طائرة مدنية..

وقد منحها قادتنا الكرام، كلّ الاهتمام في الرعاية والتأهيل والتمكين، انطلاقاً من الإيمان بدورها التنموي والفاعل والبنّاء، فقد قال المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه: «إنّ المرأة هي المسؤولة الأولى عن الأسرة وتعليمها أسس الحياة، وتثقيفُها هو من أهم الأشياء التي يقوم عليها العمل النسائي في الدولة».

كما عبّر عن ذلك، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بقوله: «اليوم.. ثلثا موظفي الحكومة نساء، وثلثا خريجي جامعاتنا الوطنية نساء، وثلث مجلس الوزراء نساء.. نحن لا نمكّن المرأة.. نحن نمكّن المجتمع بالمرأة».

والمجتمع الإماراتي يشهد حضوراً لافتاً للمرأة في جميع مفاصل الحياة، كما أنّه يفخر ببناته اللاتي حقّقن إنجازات على المستوى العالمي، واستطعن تعزيز مكانة الإمارات، كدولة راعية لحقوق المرأة وحامية لها، وقادرة على تنمية قدراتها، ومنحها كلّ ما تحتاجه من اهتمام وتمكين، لأنّها شريكة الرجل في بناء الوطن، وحجر الزاوية في بنيان المجتمع.

فالمرأة بكلّ تجليّاتها، هي الدعامة التي يستند إليها الرجل في مسيرته باتجاه النجاح، وإذا كانت المقولة الشهيرة «وراء كلّ رجل عظيم امرأة»، تعبّر عن دور المرأة في دعم الرجل ومساعدته على النجاح، فإّنني على يقين بأنّ «وراء كلّ وطن عظيم، نساء عظيمات»، لأنّ هذا الوطن بني على سواعد وفكر الرجال، وجهود ودعم المرأة، التي تمثّل الأم والزوجة والأخت والعمّة والخالة، وحتّى الابنة..

المرأة.. هي ذلك الكائن الذي يمثّل أجمل مخلوقات الله في اللطف والرقّة والعذوبة.. وهي ذلك الكائن الذي يذوب كالشمعة من أجل أن يضيء لنا دروبنا.. إنّها ذلك الأريج الذي يعبق من كلّ زاوية في أركان حياتنا، لكي يعطّر قلوبنا، وينشر شذاه في ثنايانا..

فكلّ عام والمرأة، ذلك الكائن العظيم، بألف خير.. وكلّ عام وجميع النساء، والأمهات منهنّ على وجه الخصوص، ببهجة وسرور وسعادة.

* المنسق العام لبرنامج دبي للأداء الحكومي المتميز

Email