ماذا تريد بيونغيانغ؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

سؤال يتردد كثيراً في الأوساط السياسية في كل أنحاء العالم، وهو، ماذا تريد كوريا الشمالية من كل ما تفعله؟ وماذا تريد من إطلاق صاروخ يمكنه الوصول إلى معظم الأراضي الأميركية وضربها وفقاً لبعض التقييمات؟

بيونغ يانغ تقول: إنها تخطط لإجبار العالم على القبول بها عضواً كاملاً في المجتمع الدولي، وفي نهاية المطاف، للمصالحة مع الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية بناء على شروطها.

البعض يقول إن كوريا الشمالية من المرجح أن تقصر عن تحقيق طموحاتها الكبرى، التي تبدو قائمة على أساس نوع من الحسابات الخاطئة، التي غالباً ما تكون القوى النووية الحديثة عرضة لها، ومع ذلك، فإن أهدافاً أكثر تواضعاً، مثل القبول العالمي بها على مضض، قد يكون أكثر قابلية للتطبيق. ولو أن قادة كوريا الشمالية يعتبرون النجاح أمراً غير مرجح، قد يكونون قد حكموا بأنها فرصة بلادهم الوحيدة للبقاء على المدى الطويل.

وربما يقع مفتاح فهم استراتيجية كوريا الشمالية في الماضي القريب لدولة نووية آسيوية أخرى، هي الصين.

فقد بدأت الصين في عهد ماو تسي تونغ في الخمسينيات كونها دولة منبوذة منعزلة ومهددة من قبل الولايات المتحدة، وأصبحت في الستينيات قوة نووية مارقة، ثم صعدت عبر السبعينيات إلى عضو مقبول في المجتمع الدولي، واحتضنها حتى خصمها السابق.

وتبدو كوريا الشمالية ميالة لاتباع هذا السيناريو، وذلك عبر البرنامج النووي الذي يمكنه تهديد الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي من شأنه أن يجعل الحرب أمراً لا يمكن تصوره، الخطوة رقم واحد، وربما قد يكون الاختبار الصاروخي هذا الصيف الخطوة المكتملة.

وقد فازت الصين في نهاية المطاف، بالقبول الدولي من خلال المناورة وتشجيع الولايات المتحدة على الاتحاد السوفييتي، وليس من خلال قعقعة السلاح النووي. وقد جعل حجمها وقوتها أيضاً من المستحيل لدول أخرى تجاهلها، وهي مزايا تفتقر إليها كوريا الشمالية، لكن بؤس بيونغيانغ، وهوسها طويل الأمد بالصين، قد يكون دفعها لرؤية إمكانية تحقيق نجاح، مهما كان مضللاً، من خلال اتباع استراتيجية بكين.

وتقدم كوريا الشمالية بانتظام للولايات المتحدة عمليات تبادل لمبعوثين على مستوى رفيع وحتى نوع من الدبلوماسية الرياضية تبدو مأخوذة من تاريخ نهج بكين منذ نصف قرن من الزمن، مع أصداء دبلوماسية الـ«بينغ بونغ». وعلى الرغم من صعوبة تخيل رئيس أميركي يتوجه اليوم إلى بيونغ يانغ لمصافحة يد كيم وتطبيع العلاقات معه، لم يكن أكثر سهولة في الستينيات، تصور رحلة نيكسون عام 1972 إلى بكين.

يترك ازدهار كوريا الجنوبية الساحق بالمقارنة مع جارتها الشمالية بدافع محدود للبقاء كونها دولة منفصلة، وتشكل أزمة الشرعية تلك خطراً وجودياً كما القوة العسكرية الأميركية. ويبدو أن قادة الشمالية توصلوا إلى استنتاج، أن إعادة التوحيد لن تكون ممكنة طالما بقيت القوات الأميركية في الجنوبية ما يقودهم إلى تطوير أسلحة يمكن استخدامها لإجبار الأميركي على الخروج.

ويعتقد البعض أن كوريا الشمالية ترى الأمر مجدداً كونه جزءاً من النموذج الصيني الذي نجح من قبل. على مدى سنوات، اعترفت أميركا بتايوان كحكومة الصين الشرعية، لكن تلك العلاقة انقلبت عام 1979 عندما طبعت أميركا علاقاتها مع بكين.

قد تأمل كوريا الشمالية استخدام سياسة مماثلة، فصل أميركا عن كوريا الجنوبية. الانقطاع لا يحتاج أن يكون جذرياً لتلبية أهداف الشمالية: الحياد الرسمي يعد كافياً.

كوريا الشمالية قد ترى بشكل مماثل، كما الصين تجاه تايوان، احتمالات إعادة التوحيد بأنها بعيدة لكنها لا تزال أساسية.

وتقدم بحوث الدبلوماسية النووية درسين: إن استراتيجية كوريا الشمالية على الأرجح ستفشل وأنها على الأرجح ستحاول على أية حال.

ونادراً ما تنجح التهديدات النووية في الحصول على تنازلات من الخصم، ولأن الأسلحة النووية تزيد الخطر على الجانبين، فإنها تميل إلى إبقاء الوضع القائم كما هو، على النقيض من هدف كوريا الشمالية. وقد حسن كيم قدرته على منع أميركا من الغزو.

لكنه إذا كان يأمل بإجبار أميركا على إجراء تغيير سياسي كبير، فانه سيخيب أمله، غير أن كوريا الشمالية قد تبالغ في تقدير فرصها. وهذا يطرح الخطر الأكبر على الولايات المتحدة وكوريا الشمالية. إذا ما أساء كيم حساباته بشأن تهديداته النووية، هناك احتمال صغير بأنه قد يدخل الحرب عن غير قصد.

في الحرب، فإن القوى النووية بترسانات صغيرة، مثل كوريا الشمالية سوف تشعر بضغط كبير لإطلاق النار بسرعة قبل تدمير أسلحتها، حتى لو اعتقدت أنها ستخسر الحرب، وفقاً إلى بحث للأستاذ في جامعة جورج واشنطن كايتلين تالمادج.

وفيما هذا الوضع يبدو أمراً بعيد المنال، فإن الطموح الاستراتيجي للشمالية أدخل عامل الخطر هذا في اعتباره. فإذا كان العالم يرغب في تجنب تلك المخاطر، يكتب مايرز، فسوف يحتاج إلى مواجهة «التفسيرات المثيرة للقلق لتسلح كوريا الشمالية بدلاً من الاستمرار في تجاهلها».

 

 

Email