قطر و«السندويتش»

أثار وزير خارجية نظام الدوحة سخرية المغردين والمراقبين بقوله إن بلاده «سندويتش» بين السعودية وإيران، حيث لم يسبقه أحد إلى نعت قطر بهذا الشكل غير اللائق.


إن قطر بلد عربي لا ينقص صغر حجمه من قيمته، والى وقت قريب كان جزءاً رئيساً من منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربي، حيث أمنه من أمن أشقائه وجيرانه، واستقراره من استقرار أمته العربية، قبل أن يختار نظامه الانشقاق عن أسرته الخليجية، وينقلب على محيطه العربي، ليرتمي في أحضان نظام الملالي، وعوضاً عن أن يكون رمحاً للدفاع عن أمته تحول إلى خنجر في ظهرها.


إن قول وزير خارجية قطر إن بلاده سندويتش بين السعودية وإيران، يعني أنه يقارن بين الشقيقة الكبرى التي عرفت على الدوام باحترام سيادة الدول، وبين العدو الفارسي الذي لا يخفي أطماعه في المنطقة العربية ولا طموحاته التوسعية التي طالت العراق وسوريا واليمن ولبنان، وسعت إلى استهداف الكويت والبحرين والسعودية، واتجهت لتشمل دول شمال إفريقيا سواء بالتدخل المباشر أو غير المباشر.


ومجرد المقارنة بين الشقيق الصديق والعدو المتآمر، يثبت أن هناك عقماً قطرياً واضحاً في الوعي الاستراتيجي بطبيعة الجغرافيا السياسية، وأن نظام الدوحة المتنطع لم يدرك بعد قيمة أن يكون مستنداً إلى أشقائه المقربين ومندمجاً في مشروع خليجي وعربي واحد، بدل أن يعلن العداء على من يشتركون معه في التاريخ والجغرافيا والثقافة والدم والمصير الواحد، ويرتبط بمشروع قومي فارسي كانت له صراعات مع عروبة الخليج وأطماع في المنطقة منذ عشرات القرون، أي حتى قبل ظهور الإسلام، ولا يزال ذلك المشروع قائماً وإن لبس لبوس الطائفية والمذهبية المقيتة ليخترق بها صفوف الأمة.


إن الشعب القطري يدرك قبل غيره، أنه يستطيع أن يعيش في أمن وسلام، وأن يكون سيداً على أرضه، فاعلاً في محيطه، سنداً لأشقائه، ومستنداً اليهم، وواثقاً منهم لحظة حاجته لدعمهم، وكل ذلك لا يحتاج أكثر من أن يتخلى نظام الدوحة عن مغامراته ومؤامراته ومخططاته التخريبية والإرهابية، ويعود إلى حاضنته الخليجية والعربية، متجاوزاً أخطاءه وخطاياه، متجاوباً مع شروط الانتماء لأسرته، حيث لا خوف عليه من الأشقاء، وإنما كل الخوف ممن يستقوي به ليكون سيفاً على رقبة العرب، لا سيفاً مع سيوفهم في الرد على أطماع العدو.


لكن للأسف يبدو أن نظام الدوحة قرّر أن يجعل من بلاده سندويتشاً لا بين إيران والسعودية، ولكن في فم نظام الملالي، وتلك مسألة أخرى.