فرنسا أقرب من قطر

ت + ت - الحجم الطبيعي

دعونا من المثاليات التي لا تقدم ولا تؤخر، ومن القوميات التي أثبتت أنها تجر الأمة للخلف بدل أن تنتشلها من أزماتها، سأفكر منطقياً وعملياً، بأن العالم الواقعي يقوم على الصداقات والعلاقات المتينة وعلى الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وعليه، رأيت أن فرنسا الصديقة الصادقة، أقرب من قطر الخائنة.

هذا صحيح، ففي متحف الحضارة العالمية، يقول الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إن «فرنسا والإمارات العربية المتحدة ترتبطان بأكثر ما يميز البشرية على المستوى العالمي، إنها المُثل الإنسانية العُليا. التي تتحاور فيها كل الأزمنة وكل الأماكن»، بينما يقول تميم لدول الجوار «نحن بألف خير بدونكم !!»

وفي أول زيارة له للمنطقة العربية، وأول زيارة رسمية خارج أوروبا يقول الرئيس الفرنسي «إن الإمارات ركيزة لا غنى عنها لاستقرار الشرق الأوسط. كما أنها شريك اقتصادي استراتيجي لفرنسا» بينما يرى تنظيم الحمدين، وبصورة لا يصدقها عقل، أن الإمارات هي العدو اللدود لقطر، وأن عليه أن يتحالف مع إيران لكسر شوكة الإمارات، التي لا تكسر بإذن الله، حتى لو تحالفت شياطينهم جميعاً مع الفرس والأتراك مدى الحياة.

تقترب فرنسا من الإمارات أكثر وأكثر في عدد كبير من المبادىء الراسخة التي لا حياد عنها والتي قال الرئيس ماكرون «إن الإرهاب يتغذى على الانقسامات داخل العالم الإسلامي، وبين الشرق والغرب، وإن الحرب على الإرهاب لن تكون فاعلة دون تحقيق السلام والاستقرار» بينما تبتعد قطر أكثر وأكثر عن الإمارات والسعودية وعن الأمة كلها لأنها تغذي ذلك الإرهاب وتمول الإنقسام وتحارب الحرب على الإرهاب!

ترى فرنسا أن «أبوظبي مكان تجتمع فيه المهن والأفكار والمواهب الثقافية أكثر فأكثر، مكان يسوده الفكر المتفتح والغني»، بينما يحاول المرتزقة المأجورون من إعلاميي الجزيرة المدفوعين بريالات مستنزفة من جيوب الشعب القطري، تصوير أبوظبي، عاصمة الجمال والفن والحكمة، بأنها مكان آخر، يحاولون النيل منها ويلقون على نخلها الحجارة، وعلى هامة مجدها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الإتهامات الملفقة المكشوفة، في ذات الوقت الذي أعلن فيه الرئيس الفرنسي اعتزازه بعلاقة الصداقة التي تربطه بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ووصفه صراحة بـ «الصديق المقرب».

من المعروف أن قطر ساهمت في دعم الإرهاب المتمثل بداعش وطالبان وغيرهما من الإرهابيين الذين حطموا التراث العالمي في سوريا والعراق وأفغانستان وفي كل مكان، ولكن وفي المقابل أصبحت فرنسا والإمارات متحدتين معاً في مناصرة التراث العالمي، وأطلقتا في أبوظبي «مؤسسة التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع» من أجل حماية التراث المهدد في مناطق النزاع المسلح. وها هما الآن يتقاسمان رؤية مشتركة إزاء التراث المشترك للإنسانية، والأهم من ذلك أنهما يتخذان إجراءات ملموسة جداً للدفاع عنه.

وبينما يتخبط جار السوء إقتصادياً، ويحاول جرجرة المنطقة كلها إلى الهاوية، وتصوير الإمارات والسعودية بأنهما تتعرضان للإنهيار الإقتصادي، تعتبر فرنسا أن الإمارات شريك اقتصادي استراتيجي منذ إنشاء الاتحاد في عام 1971، وأنها ركيزة لا غنى عنها للاستقرار في الشرق الأوسط، وبوابة مفتوحة على القارة الآسيوية. وإن الحيوية الاقتصادية التي تتمتع بها الإمارات، لا سيما دبي، هي أمر رائع حقاً، وأن الشاهد على قدرتها على الاستفادة المثلى من نقاط قوتها «مثل الموارد الطبيعية، والموقع الجغرافي، والشباب، والتاريخ، والنظام المالي» والذي جعل الإمارات اتحاداً عصرياً وحيوياً ومفتوحاً على العالم.

وفيما ترى فرنسا أن إيران تحتاج الحزم فيما يتعلق بأنشطتها الإقليمية وبرنامجها في مجال القذائف التسيارية، ترى قطر أن تفتح الأبواب على مصراعيها لدخول نظام الملالي مدججاً بأسلحته وإرهابه إلى قلب الخليج لتهديد أمنه واستقراره.

لذلك، ولكثير من الإعتبارات الأخرى التي لا يتسع المجال لحصرها، أرى أن قطر بعيدة، بعيدة جداً، وأن فرنسا قريبة، جداً، وليسمح لي أمير الشعراء، أحمد شوقي في الإستعارة من قصيدته لأقول: دم شهداء الإمارات تعرفه قطر.. وتعلم أنه نور وحق.

Email