وصل البقر.. فماذا عن الأعلاف؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

اهتمام بالغ أولته وسائل الإعلام الدولية لخبر استيراد دولة قطر أربعة آلاف رأس بقر من ألمانيا. في المقابل، نشرت صحفها صورة جمل نافق في الصحراء، وقالت من باب التضليل الإعلامي إنه أحد الإبل النافقة على الحدود، بعد أن أجلت المملكة العربية السعودية قطعان المواشي القطرية من أراضيها، ومنعتها من الرعي داخل حدودها.

في يونيو الماضي، قيل إن عدداً آخر من الأبقار الحلوب وصلت إلى الدوحة، لتغطية حاجات المواطنين والمقيمين من الحليب، بعد قرار المقاطعة الذي يشمل فيما يشمل ألباناً كانت تصل إلى البلاد يومياً من داخل السعودية والإمارات.

ولعل الطريف في الأمر أن سلطات قطر ارتأت بـ«حكمتها المعهودة» أن استيراد البقر أيسر من استيراد الحليب ومشتقاته، في حين أن البقرة تحتاج إلى مأوى خاص وأعلاف لا تنتجها البلاد، وتكييف يستنزف المزيد من الطاقة الوافدة، ورعاية بيطرية متواصلة، وعمالة لن تكون في كل الحالات من المواطنين المحليين، وربما إلى موسيقى كذلك مثلما يحدث في هولندا مثلاً، حيث تطرب الأبقار إلى سماع باخ وموزارت.

وعلمياً وعملياً، تحتاج الأبقار إلى الأعلاف الطاقية والبروتينية والأملاح المعدنية والفيتامينات والماء، وتختلف حاجات البقرة الحلوب إلى الأعلاف حسب كمية إنتاجيتها وحجمها ووزنها، لكن عموماً فإن نسبة البروتين يجب أن لا تقل عن 17 في المئة، وقد تصل إلى 20 في المئة بالنسبة إلى الأبقار العالية الإنتاج.

فكميات الأعلاف الواجب إعطاؤها للبقرة الحلوب لإنتاج 10 كيلوغرامات من الحليب، مع وزن البقرة في حدود 550 كيلوغراماً، تصل إلى نحو 12.7 كيلوغراماً من الأعلاف يومياً، ولإنتاج 20 كيلوغراماً من الحليب يومياً نحتاج إلى 16.5 كيلوغراماً من الأعلاف بشكل يومي، ولإنتاج 50 كيلوغراماً من الحليب يومياً تحتاج هذه البقرة إلى نحو 27.5 كيلوغراماً من الأعلاف بشكل يومي.

وبحساب بسيط يمكن أن تحتاج أبقار قطر إلى 120 طناً من الأعلاف يومياً، وهو ما يتطلب تخصيص طائرات تنقل أكياس العلف المركّز بمصدريه النباتي والحيواني، إضافةً إلى مواد العلف الجافة، مثل الدريس وحشيشة الرودس الجافة والأتبان والأعشاب الخضراء كالبرسيم وحشيشة السودان والذرة الرفيعة والشامية والشعير الأخضر وعلف الفيل الأخضر وغيرها.

بمعنى آخر، إن لتراً من الحليب سيكلّف خزينة قطر أضعافاً مضاعفة من سعره الحقيقي بسبب ارتفاع مستوى التكلفة، هذا إذا لم تمت الأبقار نتيجة الدفع بها إلى مناخ مختلف عن مناخها الألماني، خصوصاً في ظل حرارة الصيف الضارب بقوة هذا العام، أو بسبب العجز عن رعايتها بالشكل الذي كانت تحتاج إليه في بلد النشأة.

ولا أعتقد أن السلطات القطرية جادة فعلاً في مسألة استيراد الأبقار وتخصيص خط جوي يومي لتزويدها بالأعلاف، وانتداب عمالة أجنبية متخصصة، ولكن التركيز على مسألة الحليب له أبعاد أخرى من بينها استدرار التعاطف الدولي، انطلاقاً من أن الألبان ضرورية للأطفال، ليقال فيما بعد إن أطفال قطر محرومون من اللبن.

برغم أن العالم عندما يريد أن يفهم، سيفهم أن هناك بوناً شاسعاً بين المقاطعة والحصار، وأن أبواب الاستيراد مفتوحة، وأن الحليب يمكن أن يصل يومياً إلى القطريين ولو من أستراليا شرقاً أو البرازيل غرباً، ولكن يبدو أن في «قطر الحمدين» الكثير من المضحكات، ولكنه ضحك كالبكاء، على رأي المتنبي.

 

Email