تجريم إلكتروني في بريطانيا

ت + ت - الحجم الطبيعي

تصاعدت حدة الانتقادات البريطانية لشركات الإنترنت والتواصل الاجتماعي بسبب استخدام المتطرفين والإرهابيين هذا الفضاء للحض على العنف والتخطيط وتنفيذ عمليات إرهابية.

كانت هناك مساع من الحكومة البريطانية لتجريم هذا الفضاء من خلال سحب الرخصة من تلك الشركات في بريطانيا وإغلاق هذا المنفذ الخطير لتجنيد متطرفين وإرهابيين ونشر ثقافة القتل والعنف والإرهاب.

قالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بعد حادثة جسر لندن إن شركات الإنترنت توفر الفضاء الآمن لبذر بذور العنف وطالبت تلك الشركات بتصعيب إمكانية استخدام هذا الفضاء.

حاولت بريطانيا فرض غرامات على تلك الشركات التي لا تزيل المحتوى الذي يحض على التطرف من الفضاء الإلكتروني ولكن الحكومة البريطانية واجهت انتقادات من داخلها بهذا الخصوص.

قال المراجع المستقل لتشريعات مكافحة الإرهاب ماكس هيل إن تجريم شركات مثل غوغل وفيسبوك قد يضعها جانباً في الوقت الذي تحتاج فيه الحكومة التعاون مع تلك الشركات، وحذر من قيام البرلمان بسن تشريع يجرم تلك الشركات إذا لم تقم بكل ما في وسعها لوقف استخدام الجهاديين الفضاء الإلكتروني لتجنيد والتخطيط والترويج لأيديولوجية التطرف والعنف والكراهية لأن ذلك لا يفيد من وجهة نظره، وذلك لأنه لا يمكن قياس قيام تلك الشركات بما يكفي في هذا الصدد.

وأضاف أن بريطانيا الديمقراطية تختلف عن الصين التي يمكن لحكومتها في أي وقت إغلاق الإنترنت أمام الملايين من دون سابق إنذار.

وكانت الحكومة تنوي فرض غرامات على تلك الشركات في حال لم تمح المحتوى المتطرف من مواقعها، ولكن تقييم ماكس هيل أضعف من هذا التوجه.

يذكر أن سلمان عبيدي الذي قام بعملية انتحارية في مانشستر وراح ضحيتها 22 شخصاً استخدم اليوتيوب وغيره لعمل المادة التي استخدمها في تلك العملية الانتحارية.

واقترح ماكس هيل التعاون بين الحكومة وتلك الشركات واستبعاد فرض غرامات عليها وتجريم تقصيرها في مواجهة التطرف والإرهاب، وقال اللورد كارليل وهو المراجع المستقل السابق لتشريعات مكافحة الإرهاب في بريطانيا إن فرض غرامات على شركات التكنولوجيا هو آخر خيار، ولكنه أكد ضرورة أن تقوم تلك الشركات بدور أكبر مما تقوم به الآن وتستجيب لمطالبات تيريزا ماي في هذا الخصوص.

يذكر أن هناك قانوناً جديداً في ألمانيا يفرض غرامات تصل إلى 50 مليون يورو إذا لم تقم تلك الشركات بمحو مواد التطرف والكراهية من مواقعها.

كانت إحدى الخطوات التي قامت بها بعض تلك الشركات لتنظيم هذا الفضاء وتجنب سحب الرخصة منها وفرض غرامات عليها في بريطانيا هي إنشاء «منتدى فضاء إلكتروني عالمي لمواجهة الإرهاب» بين مايكروسوفت وفيسبوك وتويتر ويوتيوب.

ويهدف هذا الكيان الجديد هيكلة مجالات التعاون بين تلك الشركات الكبرى ودعم تعاونها مع شركات التكنولوجيا الصغيرة ومؤسسات المجتمع المدني والأكاديميين والحكومات وكذلك الكيانات عابرة القوميات مثل الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.

قد تكون هذه الخطوة جيدة ولكنها غير كافية. على تلك الشركات التي تربح الملايين أن تنفق على آليات محو مواد التطرف والكراهية والعنف من مواقعها ولا تكتفي فقط بعمل منتديات تنظم وتقوم بصورة جزئية بجهود لمواجهة هذا الخطر الذي يهدد الجميع ليس في بريطانيا فقط بل في كل أنحاء العالم.

قد لا يكون التجريم هو الحل ولكن التلويح بالعقوبات قد يكون عامل ضغط على تلك الشركات للقيام بخطوات عملية لوقف استغلال الجهاديين لتلك التكنولوجيا والتشفير للرسائل ولاسيما علي الواتس والتليغرام وألعاب الفيديو.

 

 

Email