مدينة الطبقة تمثل عرضاً أولياً لما سيجري

ت + ت - الحجم الطبيعي

تم سحق مقر تنظيم «داعش» بالقنابل الأميركية في مدينة الطبقة، عند البوابة الغربية للرقة، ولم يتبق من المتطرفين سوى شعارات المسلحين المكتوبة على عجل، وكومة من القمامة.

ومن المبكر جداً القول إن الحياة تعود إلى مجاريها هنا بعد التحرير، لكنْ كثير من الرعب قد انتهى. وتم تطهير الألغام وأجهزة التفجير على جوانب الطريق أخيراً، أما من لا يزال يطلق اللحى ويطيلها، فهم قوات العمليات الخاصة الأميركيين الذي رافقوا المبعوث الأميركي الخاص بريت ماكغورغ أثناء زيارته هناك.

وتنتشر في المدينة الأنقاض، ويصف الرئيس المشارك في المجلس المدني المشكل حديثاً في الطبقة، أحمد الأحمد، المدينة «بمدينة أشباح» حيث 40 في المئة من المباني قد تضررت، فيما تم تدمير محطات الكهرباء وشبكات توزيع المياه والمدارس إلى حد كبير. ويحاول الشبان الذين أعيد تأهيلهم في مخيمات التدريب لـ«داعش» إيجاد توازن في حياتهم، حيث أعمال قطع الأعناق والهتاف بالشعارات قد ولت إلى غير رجعة.

ويجتمع المجلس المشكل حديثاً الذي تم تشكيله من جانب قوة عسكرية بقيادة الأكراد، وعلى ما يبدو يوجد تعاون من السكان المحليين من جميع الجنسيات. وتقوم قوة أمنية محلية جديدة بدور الشرطي في الشوارع.

وقد وصلت إلى مستودع بالقرب من مركز المدينة، أول شحنة من الأغذية الأميركية أخيراً، وهي عبارة عن أكياس من الطحين والرز مكدسة فوق منصات، وجاهزة للتوزيع، ويقول منسق الإغاثة الأميركية، آل دوير، إن الكثير غيرها من مواد الإغاثة متوقع وصوله في الأسبوع المقبل.

يتذمر شاب سوري اسمه عبد القادر خليل ويبلغ من العمر 22 عاماً من عدم وجود ما يكفي من الطعام والمياه والغاز والخبز، أو فرص العمل، لكنه يرفض فكرة سيطرة "داعش" مرة أخرى على المدينة، ويقول: «لا أبداً!» ويهز شبان من حواليه رؤوسهم تأييداً، قبل أن يضيف «سيكون من المستحيل العيش إذا عادوا. سوف يقتلوننا جميعاً».

وفيما لا شيء دائم في تلك البلاد الممزقة، هناك نقاط تحول مع تحول الزخم، ويبدو هذا واحداً منها. مع بدء معركة الرقة بكل جدية، تقدم هذه المدينة نظرة عامة تمهيدية لما هو منتظر:

- البالون الأسود المنتفخ لداعش ينهار بسرعة في سوريا كما في العراق. قد يكون هناك حوالي سنة من القتال الشديد، لكن المفاجأة للمسؤولين الأميركيين كانت في مضي المعركة في شرق سوريا بوتيرة أسرع وبشكل أفضل من المتوقع.

وكرمز لهذا التقدم، أهدى القادة الأكراد ماكغورغ، خاتم أمير داعشي كان يستخدمه لختم أوامر قتل السكان في طبقة. وقد فجر الأمير نفسه عندما حوصر في مايو، تاركاً وراءه الخاتم ومزاعم فارغة المضمون بشأن السلطة.

ويبدو احتمال المواجهة مع سوريا وروسيا، التي أدت إلى إسقاط طائرة سورية جنوب المدينة منذ أسبوعين، قد تراجع. وعلى الرغم من الاحتجاجات العلنية للروس، فقد وافقوا بهدوء أخيراً على خط «فض للنزاع» بمساحة 80 ميلاً تقريبا. ويبدو هذا الخط صامداً، وهي إشارة واعدة عن إمكانية تعاون أميركي وروسي أوسع نطاقاً في سوريا.

وقد أظهرت الميليشيات التي يقودها الأكراد المعروفة باسم قوات سوريا الديمقراطية أن بإمكانها إلحاق الهزيمة بـ«داعش»، طالما هي مدعومة من جانب القوة الجوية الأميركية. وكانت معركة الطبقة في مايو الماضي ربما العملية الأكثر طموحاً وجرأة في الحرب حتى الآن.

فقد تم نقل 500 عنصر من قوات سوريا الديمقراطية جواً عبر بحيرة الأسد على متن طائرة «في-22 اوسبري» في غارة فاجأت قوات داعش على حين غرة. وقد خسرت قوات سوريا الديمقراطية قرابة 100 قتيل وأكثر من 300 جريح في العملية الدموية، لكنها نجحت في مهمتها، وفي هذا الجزء من العالم فإن النجاح يجر النجاح.

ويكرر ماكغورغ في كل اجتماع مع المسؤولين المحليين بأن قدرة الولايات المتحدة على إصلاح سوريا محدود. يمكن لأميركا المساعدة في إلحاق الهزيمة بداعش، ويمكنها توفير دعم لجهود الاستقرار سريعة لإصلاح المياه والكهرباء والبنية التحتية، لكن لا يمكنها القيام بكل شيء.

ويبدو أن الولايات المتحدة قد وجدت طريقة في تحالفها العرضي مع الأكراد السوريين، لدحر داعش من شرق سوريا وفرض الاستقرار على هذا الجزء من البلاد. لكن المسؤولين الأميركيين يقرون بصراحة أنه ليست لديهم الموارد أو استراتيجية واضحة لإصلاح سوريا ككل.

ويبدو أن التقييم الذي خرجوا به يفيد: افعلوا ما تستطيعون مع القوات المتوفرة، ولا تعدوا بأكثر مما يمكنكم تقديمه. يقول المايجور جنرال روبرت جونز، نائب قائد قوات التحالف البريطاني في العراق وسوريا الذي رافق ماكغورغ في زيارة مدينة الطبقة: «هذه براغماتية».

الولايات المتحدة وشركاؤها توفر قوات عمليات خاصة قوية لمهام التدريب والدعم الجوي، لكن الأكراد السوريين وحلفاءهم العرب هم من يقومون بعمليات القتال ويموتون على الأرض، ومع سقوط "داعش" سوف تستأثر رؤيتهم للحكم، بغض النظر عما يحدث.

 

 

Email