قطر تحرك قططها السوداء

ارتبطت القطط السوداء في الميثولوجيا الإنسانية، بالجن والشياطين والكائنات الخفية، وبجلب الحظ السيئ، وعبر آلاف السنين، روت الإنسانية أساطير عدة عن تلك القطط السوداء، من ذلك أسطورة انتشرت في منتصف القرن السادس عشر الميلادي، تقول إن رجلاً وابنه كانا يسيران مسافرين في ليلة مقمرة، عندما عبرت قطة سوداء الطريق أمامهما، ما دفعهما لرميها بالحجارة، خوفاً منها، فأصاباها بجروح، ما دفعها إلى الفرار واللجوء إلى منزل امرأة عجوز، يُشتبه بكونها ساحرة، وفي اليوم التالي، رأى الرجل وابنه تلك العجوز وهي مصابة بكدمات وجروح، ما دفعهم للاعتقاد بأنها هي ذاتها القطة السوداء التي رشقاها بالحجارة في الطريق.

ومما قاله الأولون عن القطط السوداء، أنك إذا ضربتها أصابك الأذى، وإذا تركتها في حالك، أكلت طعامك وأقلقت راحتك، وكذلك هي قطط قطر السوداء، المنتشرة على امتداد الخارطة العربية، وفي أغلب دول العالم، تفاجئك من حيث لا تدري، بمخططاتها الإرهابية، وبفبركاتها الإعلامية، وبمؤامراتها المعلنة والخفية، وبإشاعاتها التي لا يصدقها إلا الجاهل أو المتحامل، أو من له حسابات سياسية، تعتمد على بث الخراب في الأوطان، وتدمير الدول وتمزيق البلدان، بما يتماشى مع مصالح القاعدة والإخوان.

وقطط قطر السوداء، التي تجلب النحس لمن يراها، ولو في المنام، والتي كثيراً ما تكره الضوء وترتاح للظلام، يمكن أن تصادفك في أي مكان، تحيط بها أسراب البوم والغربان، وكأنها في كرنفال شيطاني، تعمده أنهار الدماء ودموع الأطفال والنساء، وصراخ الضحايا الأبرياء، وحشرجات المذبوحين بسكاكين التكفير العمياء.

وتلك القطط لا عقول لها لتتدبر الحقيقة، ولا عيون لها فترى، وإنما هي مسكونة بدوافع الكراهية الحمقاء، وبروح الانتقام من النور والجمال والبهاء، ومدفوعة بشعارات البلاهة والغباء، وبمخطط ضرب الأشقاء والأصدقاء، خدمة لمشاريع تخطط لها الساحرات الشريرات، في الغرف المظلمات، حيث تباع الأوطان في مزاد المصالح الفردية، ويهان الإنسان تحت وطأة الأنانية.

كنّا نتمنى لو أن قطر، حولت الصحراء إلى حدائق خضراء، وزرعت أشجار اللوز والحناء، وتدخلت في شؤون الأشقاء بالبذل والعطاء والخير والنماء والطهر والنقاء، لا ببذر الأشواك وتحريض هذا على ذلك، وبالتآمر على الأمة العربية، والتسلي بالحركات التخريبية.

كنّا نتمنى لو أن لم تتورط في محاولات زعزعة أمن البحرين، وبث الفتنة بين أهل فلسطين، كمّا نتمنى لو أنها لم تدفع ليبيا إلى الخراب والشقاق، ولم تتورط في تدمير وتمزيق العراق.

كنّا نتمنى لو أنها لم تكن خنجراً مسموماً في ظهر بلاد الشام، ولا تتآمر على أرض الكنانة بدعم التطرف والإجرام، كنّا نتمنى لو أنها لم تزرع الدمار في اليمن الحزين، ولم تضع كل إمكاناتها في تبني عصابات القاعدة والإصلاح والحوثيين، كنّا نتمنى لو أنها لم تكن وراء سفك الدماء في سيناء، ولم توسع أطماعها إلى دول الساحل والصحراء.

وقبل كل ذلك، تمنينا لو أنها حافظت على مبدأ الأخوة والتكافل والتعاون والقيم العربية من شقيقاتها من الدول الخليجية، ولم تتجه للاستقواء على العربي بالفرس والأتراك، ولم تصل بنفسها إلى هذا التأزم والارتباك.

وكنا نتمنى لو أنها تركت عنها فكرة تغذية وتسمين القطط السوداء، والترويج لثقافة النحس والبلاء، وحاسبت نفسها قبل أن تحاسب، فالمكر السيئ لا يحيق إلا بأهله، ولا يعذر الإنسان، مهما كان، بجهله.

 

الأكثر مشاركة