اليونسكو وحقنا التاريخي في فلسطين

ت + ت - الحجم الطبيعي

اعتمد المجلس التنفيذي لليونسكو، في 18 أكتوبر الماضي، قراراً ينص على وجوب التزام إسرائيل بصون سلامة (المسجد الأقصى/ الحرم الشريف) وأصالته وتراثه الثقافي وفقاً للوضع التاريخي الذي كان قائماً، بوصفه موقعاً إسلامياً مقدساً مخصصاً للعبادة.

وصادقت لجنة التراث العالمي في اليونسكو لصالح قرار جديد حول البلدة القديمة في القدس وأسوارها يؤكد طابعها الفلسطيني وعدم شرعية أي تغيير أحدثته إسرائيل في بلدة القدس القديمة ومحيطها.

حينما صدر قرار اليونسكو هلّل العرب معتبرين ذلك انتصاراً كبيراً للدبلوماسية العربية. ولا شك في أن هذا كان نصراً لأنه يعيد للقضية الفلسطينية بعدها الدولي الذي يظهر تضامناً عالمياً مع حقوق الشعب الفلسطيني والمسلمين في مقدساتهم.

القرار في حد ذاته إيجابي، وهو يحيلنا إلى البناء عليه والإفادة منه في المحافل الدولية، في علاقاتنا العربية مع الدول التي تقف مواقف محايدة من الصراع العربي الإسرائيلي، أو تلك التي تقف مواقف سلبية من قضايانا.

هذا القرار يذكرنا بقرار له نفس الأهمية وهو قرار اعتبار الصهيونية حركة عنصرية والذي صدر عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة عام 1975م في ذروة التعاطف العالمي والعربي مع المقاومة الفلسطينية.

ولكن هذا القرار لم يصمد طويلاً، فبعد حرب الخليج الأولى، وتبوؤ بوش الأب رئاسة الولايات المتحدة لتكون قيادة العالم لها باعتبارها القطب الأوحد، وبناء على ضغوط الولايات المتحدة على دول العالم قاد هذا عام 1992 إلى إعادة النظر في هذا القرار وتم إلغاؤه من قبل الجمعية العمومية.

لقد كان موقف الكيان الصهيوني موقفاً متشنجاً ورافضاً لقرار اليونسكو ومعتمداً على تزييف حقائق التاريخ.

فهذا الموقف الذي أعلنه رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو القائل إن النصين الجديدين إنكار للعلاقة بين الشعب اليهودي والحرم القدسي الشريف، «اليونسكو اتخذت مرة أخرى قراراً ينطوي على الهذيان حول عدم وجود صلة بين شعب إسرائيل والحرم القدسي وحائط المبكى»، واصفاً هذا النفي كنفي صلة الصين بسور الصين العظيم والعلاقة بين مصر والأهرام.

ويؤكد الكاتب اليهودي موشيه منوحين في كتابه (اضمحلال اليهودية في عصرنا) تلك العلاقة التاريخية التي تربط بين الشعب العربي الفلسطيني وأجداده الكنعانيين يقول: «منذ أكثر من أربعة آلاف سنة خلت وكما نعرف من خلال قصص التوراة فإن الكنعانيين عاشوا في فلسطين وإن بعض العرب الفلسطينيين المنفيين الآن كلاجئين يعيشون في الخيام والأكواخ في معسكرات خارج حدود وطنهم، هؤلاء ينحدرون في أصلهم إلى هؤلاء الكنعانيين القدامى... وهؤلاء الكنعانيون استقروا وبنوا المدن والقصور واستخدموا الجياد والعربات وبنوا المعابد المزينة بالأصنام... وهكذا نرى أن العرب الفلسطينيين يشكلون الأغلبية الساحقة من السكان في فلسطين منذ تلك الأيام».

وتقوم الأيديولوجية الصهيونية على ادعاءات دينية ترتكز على الوعد الإلهي لليهود في فلسطين وهذا الوعد كما جاء في التوراة يخص أبناء إبراهيم وتتجاهل الأيديولوجية الصهيونية أن العرب هم أحفاد إبراهيم وهذا ما اعترف به كاتب يهودي هو المر بيرجر حيث يقول في كتابه «فلسطين والكتاب المقدس»: إن أحسن ما يمكن أن توصف به دولة إسرائيل من حيث شرعيتها وسندها من الكتاب المقدس، هو أنها سلطة سياسية تم إنشاؤها وتأسيسها من خلال طرق فاقدة لأي قدسية أو سند من الكتاب المقدس.

إننا كعرب نمتلك الحق التاريخي وترسيخ هذا الحق في المحافل الدولية يحتاج من العرب مُوَحّدين أن يحملوا قضية فلسطين على كواهلهم ولا يتركوا فرصاً لإسرائيل وحلفائها لتهميش هذا الحق والذي في النهاية ستكون القوة وحدها لإحقاقه وهي الفيصل واللغة الوحيدة التي تفهمها إسرائيل وتتعامل بها.

Email