في الذكرى المئوية لوعد بلفور

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعاني العرب اليوم من نتائج السياسة البريطانية في تحديد مسار حياتهم السياسية.

والتاريخ يعرف الدور البريطاني في اتفاقية سايس بيكو البريطانية الفرنسية التي قسمت بلدان الشام والعراق إلى دول. وتابعت دورها في إصدار وعد بلفور المشؤوم حيث قام من لا يملك بإعطاء وعد لمن لا يستحق. وحينما حققت بريطانيا وصولها إلى المنطقة، سهّلت كدولة انتداب على فلسطين الهجرة اليهودية وعجّلت على تمكين الصهاينة من إقامة كيانهم غير الشرعي، لتظل أحلام إسرائيل مشرعة في قيام دولتهم من الفرات إلى النيل.

وبالعودة إلى التاريخ سنجد أن الدور البريطاني لم يكن فقط خدمة للصهاينة ولكنه يعود إلى استراتيجية ثابتة تتبنى خيوطها منذ القرن التاسع عشر، حيث ترافق ذلك برؤى مشتركة للدول الاستعمارية في ذلك الوقت بحرصها على تمزيق كيان المنطقة العربية بزرع كيان غريب في وسطها يحول دون وحدتها.

الآن إذن هي ذكرى مئوية تصريح بلفور الذي صدر في الثاني من نوفمبر من عام 1917 هو وعد كان يخدم الاستراتيجية البريطانية الاستعمارية.

أعلن رياض المالكي وزير الخارجية الفلسطيني في كلمة ألقاها نيابة عن الرئيس محمود عباس، أمام مؤتمر القمّة العربيّة الماضي عن توجه السلطة لرفع قضية ضد الحكومة البريطانية لإصدارها وعد بلفور وتنفيذه كسلطة انتداب بعد ذلك، هذا الوعد الذي تعهد لزعماء اليهود بإقامة وطن لليهود في فلسطين، الأمر الذي تسبب بنكبة الشعب الفلسطيني.

وفي تصريح للوزير أشار إلى أن السلطة الفلسطينية أثارت هذا الأمر الآن، بسبب استعداد مسؤولين بريطانيين، لإقامة احتفالات بمناسبة وعد بلفور غير مكترثين لما كان لها من تأثير سلبي على الشعب الفلسطيني.

ونتساءل هل نتذكر ما يمس قضايانا كردود أفعال فقط؟

إن وعد بلفور وغيره من المآسي والقرارات والممارسات التي حاقت بشعبنا لا حصر لها، وهي تحتاج إلى من يُحرِّك الرأي العام الدولي بشأنها، وتحتاج إلى إرادة قوية وشجاعة لرفع قضاياها إلى محكمة العدل الدولية.

كان هناك قرار محكمة العدل الدولية في 9 يوليو 2004 يقضي بعدم شرعية الجدار العازل، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة يقضيان بعدم شرعية الجدار العازل،، فماذا فعلت السلطة لممارسة المزيد من الضغط السياسي على إسرائيل لتفكيك الجدار؟

لماذا أهملت السلطة متابعة مصير تقرير غولدستون حول ارتكاب إسرائيل جرائم حرب والذي صدر في عام 2009؟

وكانت هناك تهديدات من السلطة بشأن رفع قضايا لمحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية بخصوص جرائم إسرائيل باعتبارها جرائم حرب ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية للشعب الفلسطيني، ولكننا نسمع عنها، وسرعان ما يتم الصمت وليس هناك من يتابعها.

هل ستقوم السلطة الفلسطينية بالإجراءات التي أعلنتها بخصوص مقاضاة بريطانيا أم أنها مجرد تصريحات وبعد حين سيتم نسيانها؟

إن القضية الفلسطينية بحاجة إلى مواقف أكثر جرأة وأكثر التزاماً بحيث يتم تنفيذ الأفكار التي يتم التصريح بها.

ذكرى وعد بلفور المئوية تطالبنا بعدم النسيان لمن ساهموا في إنشاء الكيان الصهيوني وما زالوا يدعمونه، ذكرى وعد بلفور ناقوس يطالبنا بإبقاء القضية الفلسطينية حية، وحتى لا ننسى فلسطين ولا ننسى القدس.

Email