راشد.. رجل الاستشراف والمستقبل

يمر التاريخ سريعا ليترك في كل محطة من محطاته سير رجال كبار سطروا أروع المواقف والأحداث لأنهم قادة حقيقيون كبار وعند وقوف التاريخ في محطة رقمية من عام 1990 يرتقي رجل عظيم هو الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم - رحمه الله.

تصادف هذه الأيام الذكرى الـ26 لرحيله، وفي سيرته الكبيرة تاريخ وإنجازات ورجال وحضارة ومستقبل مصنوع ورؤى عليا واستشراف كبير، فذاكرة دبي ودولة الإمارات تعرف من هو الشيخ راشد، فضلا عن جيل تربى على عبقرية راشد لأنه صاغ لهم المستقبل ليجعل من دبي حاضرة جميلة في منطقة الخليج العربي. فدبي المعجزة الحضارية ليست وليدة اليوم بل هي صناعة رجل كبير خطط لها لتصل إلى ما هي عليه الآن.

المشاريع التنموية الابتكارية حينها أدهشت العالم، برج وميناء ومصنع أصبحت اليوم تتربع على قمم التميز لتخلق لنفسها نماذج فريدة في تنظيم المعارض واستقبال سفن العالم وتصدر الألمنيوم له لتدر الملايين.

معجزات خارقة لرجل استشرافي كبير، وأمامها نستشف، وبكل تأكيد أن هذا الرجل حاضر في وجدان أبناء دبي ودولة الامارات والوطن العربي والعالم الإسلامي بل العالم كله. كما هو حاضر، وبقوة، في إرثه الهائل من الإبداعات. فنحن جيل شاهد إنجازات هذا الرجل، وكنا من المحظوظين الذين ينتمون إلى جيل أدرك جانباً من تلك الطفرة التي شهدت خطوات النهضة لإمارة واعدة على ضفاف الخليج العربي التي تسابق الزمن لتفاجئ العالم بمشاريع ابتكارية تدهش الجميع، وهدفها تحقيق الأمن والسعادة للمواطنين والمقيمين على حد سواء.

كان لهذا الرجل حلم ورؤية كبيرة أن يجعل من دبي مدينة المال والأعمال والتجارة، وأن يكون خور دبي شرياناً للنماء والاقتصاد. فهذا الحلم الكبير حققته حنكة الشيخ راشد وقوة إدارته لشؤون الحكم فكان رجل دولة بكفاءة واقتدار منقطعي النظير، وفي سنوات حكمه بين 1958م إلى 1990م - كان قائدا مستشرفا وبرؤية واعدة كان يضع الخطط الاستراتيجية. وبعزيمته الصادقة يتابع تنفيذها عن قرب وتاريخ إنشاء برج راشد شاهد على ذلك وإنشاء ميناء جبل علي ودوبال وتعميق خور دبي باعتباره شريان الحركة الاقتصادية في الإمارة والدول المجاورة.

أما على الصعيد السياسي، فقد كان الشيخ راشد مع أخيه الشيخ زايد، طيّب الله ثراهما، قِمماً شامخة، ومشروعهما الاتحادي الذي تحقق، وهو النموذج الوحدوي العربي الذي أصبح أنموذجا فريدا. ويذكر التاريخ أن تأسيس هذا الاتحاد كان تحدياً.. فرجل مثل راشد يعتبر مدرسة في القيادة والإدارة والتجارة والمال، وهذا الرجل الكبير أخرج للعالم أبناء يسيرون على نهجه في القيادة والإدارة والتميز والابتكار. فالنموذج العالمي في القيادة والاستشراف والإبداع والابتكار حاليا هو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، ومن مدرسة الشيخ تخرج الكثيرون بالإضافة إلى أبنائه وكثير من رجال المال والأعمال الذين وقف معهم وساعدهم ليكونوا صناع التجارة محليا وعالميا ودوما في أحاديثهم يذكرونه بكل تقدير ومحبة..لأن راشد له مدرسة خاصة فريدة من نوعها.

ونقترح أن تقوم مراكز البحوث والدراسات بإعداد دراسات عميقة عن سيرته ودراسة جوانب القيادة والاستشراف والحكمة والتخطيط الاستراتيجي في حياته العملية لأن هناك مواقف ودروساً تحتاج منا الوقوف عندها، لأن الشيخ راشد رجل دولة كبير يحتاج منا كل تقدير واحترام وتوقير، لأنه رجل ملهم لمن حوله وللآخرين.. رحم الله الشيخ راشد رحمة واسعة.

الأكثر مشاركة