من أول السطر

البنوك الافتراضية

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل يتجه العالم نحو البنوك الافتراضية؟ وما مصير البنوك التقليدية بفروعها وموظفيها وأصولها وموجوداتها وأدواتها المتعارف عليها؟

ربما يبدو هذا السؤال افتراضياً أكثر من اللازم. ولكن في ظل تسارع التطورات التكنولوجيا والمصرفية في العالم كله، أصبح طرحه ضرورة ملحة، ليس فقط لاستشراف مستقبل العمل المصرفي في المديين المتوسط والطويل، ولكن لحث البنوك التقليدية على التفكير خارج الصندوق بحثاً عن بدائل لنماذج أعمالها القائمة، ولدورة العمل اليومية المتبعة فيها في ظل التغير المتوقع في توجهات وأمزجة العملاء والمتعاملين المستقبليين.

والأمر المؤكد أن بنوكاً محلية كثيرة على دراية بالتطورات المتسارعة في تكنولوجيا العمل المصرفي حول العالم، بل إن مؤسسات محلية في القلب من هذه التطورات، مبادرةً وتخطيطاً وتنفيذاً، ووصل الأمر إلى التخطيط لاستثمار مئات ملايين الدراهم لتأسيس بنوك رقمية أو لـ«أتمتة» العمليات المصرفية بالكامل.

إن العمل المصرفي تنتظره تطورات وقفزات هائلة في غضون السنوات القليلة المقبلة، بعد الإنجازات الكبرى التي حققها العلم في مجالات: التوقيع الإلكتروني، تأمين المعاملات المالية الرقمية، استحداث بدائل للأموال السائلة (الكاش)، وغيرها. والحديث في أروقة المستقبل حالياً لا يدور حول مستقبل النقود «الكاش» التي تكلف طباعتها وإدارتها ثم التخلص منها لاحقاً ما يعادل 1 % إلى 1.5 % من الدخل القومي الإجمالي لبعض الدول، حسب تقديرات معتبرة، ولكنه يدور حول مصير البطاقات المصرفية البلاستيكية ذاتها، بعد ظهور بدائل عدة أثبتت التجربة نجاحها، وأبرزها أنظمة الدفع اللاتلامسية التي ستحول الهاتف الذكي إلى محفظة ذكية، أو حتى الخاتم الذي سيرتبط بالحسابات المصرفية لصاحبه، ويمكنه من سداد الفواتير والمدفوعات بتمريرة واحدة عن بعد. بل إن خبراء المصارف العالميين يتحدثون الآن عن كون التحدي الذي يواجه البنوك في المستقبل ليس إدارة الأموال السائلة، بقدر ما هو تأمين المعاملات الإلكترونية لنقل الأموال وإدارة الحسابات الرقمية للعملاء.

ورغم كل هذه التطورات، فلا أحد يجزم بأن البنوك التقليدية ستختفي في القريب، ولا أحد يتوقع بأن هناك بنوكاً افتراضية كاملة، بلا فروع أو مقرات على أرض الواقع، ستظهر في المستقبل القريب، ولكن الكل يجمع، كما حدث في منتدى الابتكار 2016، الذي استضافته العاصمة المجرية بودابست الأسبوع الماضي، بأن المعاملات البنكية التقليدية ستتقلص سريعاً في السنوات المقبلة، وستتقلص معها أعداد الفروع، وسيتحول اهتمام البنوك إلى الاستثمار للتوسع تكنولوجياً، أكثر من الانتشار المكاني، ولن يكون هناك مكان لمن لا يواكب هذه التطورات، فهل نحن مستعدون؟

Email