الأزمات تولّد الإنجازات

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتغنّى العالم بانجازِهِ أياً كان، سواءً أكان في الحضارة أم العمارة أم الصناعة أم أي شيء لأن لغة الإنجاز جميلة، يعشقها العالم والبشر والأمم.

فنحن أمام طبيعة بشرية تفرض علينا أن نتقبلها كما هي، ونحن هنا من منظومة هذا العالم نتحرك في فلكِهِ وحركتِهِ وازدهارِهِ ونموِهِ، ولكن نحاول أن نرسم لنا لوحة جميلة متفردة مختلفة عن العالم لأننا من مدرسة تؤمن أن الإنسان الحالي هو ابن المستقبل، يستحضره يتفاعل معه ليل نهار.

نحن شعبٌ نعشق السعادة والابتكار والإبداع، ونصنع من الأمل مسباراً يجول العالم من أدناه إلى أقصاه، ومن أسفله إلى أعلاه.

نحن شعب زايد، نعشق الطموح والإنسانية، ونعلي من شأن الإنسان، ونحوّل اليأس إلى فرح، ونحاول أن نصنع من المشكلة حلاً وأملاً.

كلنا تابعنا أزمة الطائرة (بوينغ 777) التي هبطت هبوطاً اضطرارياً وغير عادي في مطار دبي الدولي منذ أيام، وتم إنقاذ جميع ركابها وطاقمها من موت محقق وقبل ثوان من اشتعال النار في الطائرة، وتهافتت الأنباء العالمية على نقل خبر الحادثة، جاءت الأسماع لتسمع، والأبصار لتشاهد وقع الأزمة، حيث تحوَّلت دبي الإمارة الواعدة الجميلة على ضفاف الخور إلى عروس لا تخاف أحداً بل تدافع عن نفسها، وقامت الجهات الحكومية تدافع عن إنجازات دبي، اسم دبي، وسمعة دبي، وتدافعت الجهات الحكومية (شرطة دبي، الدفاع المدني، إسعاف دبي... الخ) إلى الذود عن اسم دبي أمام هذه الأزمة الطارئة، ليقوموا جميعاً متكاتفين بإنقاذ الركاب من جميع الجنسيات وفي زمن قياسي قيس بالثواني وليس بالدقائق.

سيمفونية عمل بطولي رائعة حوّلت الأزمة إلى أم ولود تولّد الإنجازات تباعاً في أقل من الدقيقة، بل في ثوانٍ حضر الجميع لينقذوا الركاب ويقدّموا لهم الدعم والعون والمساعدة، بل النفس الغالية، ليستشهد رجل الإنقاذ الشهيد الإماراتي البطل جاسم البلوشي الذي ضرب أروع الأمثال في التضحية وبذل الروح من أجل حياة الآخرين، لقد قدم الشهيد البطل للتاريخ المعاصر أروع صور البذل والعطاء.

جاءت الأجهزة والدوائر الحكومية وقادتها وموظفوها ليعملوا ضمن فريق عمل واحد لخدمة وإنقاذ ركاب الطائرة فصنعوا التاريخ والمكان والزمان.

لأننا دولة تعشق السعادة، وأفضل السعادة حينما نتشارك بها مع الآخرين، هذا سر دولة الإمارات العربية المتحدة.

هذا سر دبي المدينة الحالمة على الخور وتاريخه، والتي أعدّت الاستراتيجيات لسعادة المتعاملين والموظفين، هذه السعادة مدرسة تحتاج إلى دروسٍ كبيرة وتضحيات كبيرة، ودولة الإمارات هي الأقدر على تقديم التضحيات وإعطاء الدروس، ومن هذه الدروس أن دبي اليوم - ولله الحمد - تنتج وتولّد الإنجازات من رحم الأزمات، والتاريخ يشهد أننا نعشق التحدي الجميل الذي جعل من الإنجازات حقيقة ناصعة جليـّـة.

Email