الجامعات العربية إلى أين؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

أثار حصول كلية الاتصال بجامعة الشارقة على الاعتماد الدولي تساؤلاً مهماً عن واقع الجامعات العربية، وخصوصاً أن هذا الحصول تزامن عن الإعلان عن أول مائة جامعة في العالم، لم يكن بينها جامعة عربية واحدة.

لقد شهد الوطن العربي خلال ربع القرن الماضي توسعاً هائلاً في إنشاء الجامعات في الوطن العربي، حيث تجاوز عددها ألف جامعة وكلية جامعية، وشهدت البلاد العربية نمواً كبيراً في الجامعات الخاصة التي تحمل أسماء رنانة مرتبطة بأسماء جامعات أجنبية ومرتبطة كذلك بأسماء مرتبطة بالتكنولوجيا والحداثة وفي دولة الإمارات العربية المتحدة على سبيل المثال بلغ عدد المؤسسات الجامعية حسب تقرير وزارة التعليم العالي نحو ثـمانين مؤسسة أكاديمية حكومية وخاصة.

ونحن ندرك أن سعي دولة الإمارات لتكون في المرتبة الأولى في كل شيء، يفرض علينا مراجعة واقع الجامعات العربية لتكون في مقدمة الجامعات العالمية، ليس بالضرورة أن تكون من أول مائة جامعة، بل من أول خمسمائة جامعة في العالم هذا يعني أن جامعاتنا العربية تسير على الطريق الصحيح نحو الإبداع والتميز.

كي تتقدم جامعاتنا وتحصل على الاعتماد الدولي ليس في برنامج واحد فقط بل في جميع ما تقدمه الجامعات من تخصصات فإن ذلك يستدعي رؤية للجامعات ومتابعة تتناول مسألة البرامج التي تقدمها وأسلوب التدريس واللغة المستخدمة في التدريس، والعلاقة بين الجامعات والمجتمع المحلي وإذا راجعنا أهداف أي جامعة عربية سنجدها متشابهة ولا تختلف في أهدافها عن أي جامعة أجنبية التي حصلت على درجة تصنيف عالمي متقدم.

إذاً أين تكمن المشكلة؟ هل هي مشكلة إدارية أم مشكلة مجتمعية أم مشكلة سياسية؟

من وجهة نظري أن الجامعات العربية تواجه مشكلات مركبة إدارية وسياسية ومجتمعية ومالية وشخصية.

فمن الناحية السياسية، فإن وزارات التعليم العالي ومجالس التعليم العالي هي المسؤولة من ناحية فنية وسياسية ورقابية عن الجامعات، فهي التي تحدد شروط الاعتماد للجامعات وتحدد المواصفات التي على الجامعات الالتزام بها. ومن هذا الجانب نجد أن هناك العديد من الجامعات الخاصة التي تعاني من ظروف مادية وبشرية وإدارية لا تؤهلها لأن تقوم بواجباتها على أفضل وجه.

ففي كثير من البلدان العربية نعرف أن هناك من الجامعات مقرها الأكاديمي لا يزيد على عمارة، وفي بعضها لا يحمل أعضاء هيئة التدريس شهادات الدكتوراه في مجال التخصص، وبعضها نجد أن مدراءها ليسوا أكاديميين وبعضهم لا يحمل درجة الدكتوراه ناهيك عن الأستاذية. ومع ذلك هذه الجامعات تقوم بتخريج أفواج من أبنائها الذين يحملون شهادات معترف بها.

ومن ناحية مجتمعية فإن ثقافة المجتمع العربي نحو قيمة العمل المهني ذات طابع سلبي وتكاد تكتفي المجتمعات العربية كافة بمهن ذوي الياقات البيضاء، وهذا أدى إلى أن كل العائلات العربية تريد من أبنائها الحصول على الشهادة الجامعية حتى لو كلف الأسرة ذلك ما لا طاقة لها على تحمل تكاليف الدراسة الجامعية وخصوصاً في الجامعات الخاصة.

هل يمكننا أن نتخيل أن بلداً صغيراً بحجم الأردن ينتمي إلى نقابة المهندسين فيه من جميع التخصصات نحو مئة وعشرين ألف مهندس لتشكل بذلك أعلى نسبة في العالم بينما لا نجد في المقابل خريجين من معاهد البوليتكنيك في المهن الهندسية المساندة. والدروس المستفادة من بلد مثل كوريا التي تقدمت خلال فترة قصيرة في مجال التصنيع، ندرك أن ثورتهم الصناعية بدأت بالاهتمام بالتعليم المهني الذي خرج أولئك العاملين في مصانع السيارات والقطارات والإلكترونيات وغيرها.

وهؤلاء هم عصب الصناعة في أي مجتمع. ولكن الذي يحصل أننا ندفع بأبنائنا إلى الجامعات ويتخرج عشرات الآلاف كل عام ونشكو من تزايد أعداد الخريجين من ذوي الياقات البيضاء العاطلين عن العمل في مجتمعاتنا العربية.

Email