ألعاب لمُختلّين وأشرار ومصدر للأذى

ت + ت - الحجم الطبيعي

زادت الإساءة لصورة العرب والمسلمين إلى حدٍّ كبير في ألعاب الفيديو، ولكن تُتخذ الآن بعض الخطوات التي من شأنها أن تُعيد التوازن. فهل يكفي ذلك؟

يتلقّى العالم العربي موجة دائمة من النقد وبخاصة في وسائل الإعلام الغربية، غير أن هذا الأمر يبلغ مداه في عالم ألعاب الفيديو، حيث يمثل الإرهابيون الملتحون ذوو المظهر الرثّ الصورة النمطية لجميع سكان الشرق الأوسط، وتحديدا في ألعاب «التصويب من منظور الشخص الأول»؛ وقد يكون لهذا الأمر تداعياتٌ وخيمة داخل المجتمع الغربي.

وبينما يجتمع قادة العالم في القمة العالمية للحكومات لعام 2016 في دبي لمناقشة الأفكار والأوضاع التي من شأنها أن تمهِّد الطريق لعهد جديد من السلام والرخاء في منطقة الشرق الأوسط، تعتبر قضية الهوية إحدى القضايا الملِحَّة التي تتطلب اهتماما دائما من جانب العاملين في المجال الإعلامي ومن جانب الخبراء من كافة المجالات المعنية أيضا. غير أن ألعاب الفيديو، التي تعتبر واحدة من أكثر الوسائط الإعلامية شعبية وانتشارا حول العالم، تساهم في النيل من مسألة الهوية.

كثيرا ما تتطرق وسائل الإعلام إلى التداعيات الاجتماعية والنفسية الوخيمة لألعاب الفيديو، حيث تنطلق الدعوات التي تنادي بفرض الرقابة على بعض الألعاب مثل «جراند ثيفت أوتو» التي وُجِّهت إليها تهمة تزيين صورة العنف الجنسي والتحقير من شأن النساء.

ومع إظهار العرب والمسلمين في دور الأشرار في بعض ألعاب الفيديو مثل لعبة «كول أوف ديوتي»، يتزايد الخوف يوما بعد يوم من أن هذه الألعاب تتسبب في زيادة الشعور بالعداء ضد العرب (والمسلمين). لكن ما رأي المتخصصين في ذلك؟

كشفت إحدى الدراسات التي أجرتها الجمعية الأميركية لعلم النفس عام 2012 عن تنامي مشاعر العداء ضد العرب لدى المشاركين في ألعاب فيديو تصوّر العرب والمسلمين وهم يشاركون في أعمال العنف.

تقول مُنيبة سليم الأستاذ المساعد بقسم دراسات الاتصالات بجامعة ميشيغان التي شاركت في إجراء الدراسة: «لو أنّ 20 ـ 30 بالمئة من ألعاب الفيديو تصوّر العرب بصورة محايدة أو إيجابية، لما رأينا تلك النتيجة السلبية.»

ووفقًا للدراسة التي أجرتها الجمعية الأميركية لعلم النفس، فإن «التعرض المتكرر لهذه الصور قد يؤدي إلى تفاقم سلوكيات العنف، وكذلك تنامي مشاعر الغضب والأفعال العدوانية تجاه الفئة التي تصورها ألعاب الفيديو». إلى أي مدى إذن يمكن القول إن هذا الرأي صحيح؟ وهل التصوير الممنهج لمجموعة بعينها على أنهم إرهابيون يجعلنا نفكر في أن أفراد تلك المجموعة يمثلون تهديدا؟

أين الحقيقة في عالم الواقع بعيدا عن عالم الألعاب؟ هل الأرقام التي يتم تداولها بشأن جرائم الكراهية ضد المسلمين صحيحة؟ في لندن، على سبيل المثال، كشفت شرطة العاصمة عن ارتفاع جرائم الكراهية ضد المسلمين بنسبة 70 بالمئة في يوليو هذا العام، حيث وصلت إلى 816 مقارنة بـ478 هجوما عام 2014. لكن إلى أي مدى يرتبط ذلك بصورة العرب والمسلمين في ألعاب الفيديو، وإلى أي مدى يرتبط بتفاقم العوامل الأخرى؟

في عالم السياسة وحده، ثمة عدد لافت للنظر من الأحداث التي تؤثر في كيفية الحكم على الأشخاص؛ فقد شهد ما أُطلق عليه «تأثير ترامب» في الولايات المتحدة الأميركية قبولاً متزايدا لمفهوم «الإسلاموفوبيا» في الولايات المتحدة مصحوبا بخوف متزايد من «الآخر» حسبما تروج له وسائل الإعلام الرئيسية، وذلك في أعقاب التعليقات التي أدلى بها المرشح الجمهوري. وهكذا يتم تضخيم أي حادث يخص فردا مسلما أو عربيا عند تداوله في وسائل الإعلام.

هكذا أصبحت ألعاب الفيديو جزءا من «دائرة الجهل»؛ ومع ظهور تنظيم «داعش»، زادت المصادر التي تساهم في تكوين تلك الصور النمطية.

يقول «تيك بنك» وهو لاعب بريطاني آسيوي الأصل يقيم في المملكة المتحدة: «إنه لخيارٌ سهلٌ أن تجاري الصور النمطية السائدة وتصوّر الأشرار على أنهم إرهابيون عرب أو روس، كما هو الحال في الأفلام السينمائية. ورغم أن هذا الأمر لا يؤثر عليّ بصورة شخصية، فإنني قلق من الرسالة التي تصل إلى من يشاركون في تلك الألعاب ولا ينتمون لمجموعة عرقية بعينها. فالشباب يتأثرون بالألعاب وبما يُبَث على شاشات التلفاز؛ وإذا ظهرت مجموعة عرقية بمظهر الشر دائما، فلا بد أن تؤثر تلك الصورة على أفراد هذه المجموعة بشكل أو بآخر.»

رغم ما أشرنا إليه، لا يزال هناك بصيصٌ من الأمل؛ فالعديد من دور الإنتاج التي تتخذ من منطقة الشرق الأوسط مقرّا لها تسعى إلى تغيير المفاهيم وإنشاء محتوى أكثر شمولاً.

يقول يانيك ثيلر المدير الإداري لشركة «يوبيسوفت» في أبوظبي: «لا يزال أمامنا الكثير من العمل، لكننا اتخذنا الخطوات الأولى ووضعنا الاستراتيجية اللازمة، وفي مقدورنا بالفعل أن نطوّر ألعاباً للمستخدمين حول العالم من داخل أبوظبي.»

المقال بالتعاون مع «خدمة حوار الشرق الأوسط».

 

Email