«شمس دبي» التي لا تغيب

ت + ت - الحجم الطبيعي

في سبتمبر الماضي، اعتمدت الأمم المتحدة خطة التنمية المستدامة لعام 2030، واتفق أكثر من 150 رئيس دولة وحكومة على 17 هدفاً للتنمية المستدامة للعمل على تحقيقها خلال الأعوام الخمسة عشر المقبلة. من بين هذه الأهداف مكافحة التغير المناخي، وضمان توافر المياه، وحماية النظم الإيكولوجية البرية، وضمان حصول الجميع على طاقة نظيفة مستدامة.

وتلعب الطاقة دوراً محورياً في معظم التحديات التي تواجه العالم اليوم، فتوفير طاقة نظيفة من شأنه دعم الاقتصاد، والمساهمة في توفير الغذاء ومياه الشرب النظيفة، وتحسين الصحة العامة.

وبحسب الأمم المتحدة، يعتمد نحو ثلاثة مليارات شخص في العالم على الخشب والفحم والمخلفات لأغراض الطهي والتدفئة. ومن هنا، تظهر أهمية الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة لتوفير الطاقة التي تشير التوقعات إلى أن الطلب عليها سيزداد بنحو 60 بالمئة بحلول عام 2050.

وتولي دولة الإمارات العربية المتحدة، بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة ،حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ،رعاه الله، اهتماماً كبيراً بتنويع مصادر الطاقة في الدولة، انطلاقاً من رؤية ثاقبة تدرك أهمية الطاقة المتجددة في تحقيق التوازن بين التنمية والبيئة للحفاظ على حق الأجيال القادمة في التمتع ببيئة نظيفة وصحية وآمنة..

فالطاقة تعد المساهم الأكبر في تغير المناخ في العالم، حيث تتسبب في نحو 60 في المائة من مجموع انبعاثات غازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري على مستوى العالم. وتسير قيادتنا الرشيدة على خطى آبائنا وأجدادنا الذين أولوا اهتماماً كبيراً بالبيئة والحفاظ عليها وتنميتها.

وقد أدرك المغفور له بإذن الله تعالي، الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أهمية البيئة وحق الأجيال القادمة في الاستفادة من مواردها، وعبر عن ذلك بالقول إن «بيئتنا ومواردنا ليست ملكنا، بل هي أمانة عهد بها إلينا وعلينا جميعاً مسؤولية تأمين الرعاية لها، والعناية بها وتسليمها سالمة من الأضرار للأجيال القادمة».

تلتزم دولة الإمارات بالتحول نحو اقتصاد المعرفة وتحقيق التنمية المستدامة، التي تعتمد على الابتكار والنمو المستدام. ويعد تنويع مصادر الطاقة من أهم أسس التحول نحو المدينة الذكية والمستدامة وتحسين جودة الحياة فيها.

وقد حددت الدولة أهدافاً للتحول نحو استخدام مصادر الطاقة النظيفة، وكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة: «بدأنا في خطواتنا الأولى واستعداداتنا المبكرة لاستدامة مواردنا لوداع آخر قطرة نفط».

وتستثمر الدولة في بناء مشاريع عملاقة ورائدة لإنتاج الطاقة النظيفة والمتجددة، بما في ذلك الطاقة النووية السلمية والطاقة الشمسية. وفي دبي، يعد مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية أحد أكبر مشاريع الطاقة المتجددة في المنطقة، وأكبر مشروعات الطاقة الشمسية في موقع واحد على مستوى العالم، حيث ستبلغ طاقته الإنتاجية خمسة آلاف بحلول عام 2030.

وإضافة إلى مبادراتها ومشروعاتها الكبرى لزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة، أطلقت هيئة كهرباء ومياه دبي مبادرة «شمس دبي» في إطار جهودها التي تهدف إلى تحقيق مبادرة «دبي الذكية» التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لتحويل دبي إلى المدينة الأذكى في العالم. وتسمح «شمس دبي» لأصحاب المباني بتركيب لوحات كهروضوئية لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، وتقوم الهيئة بربطها مع شبكة الهيئة، حيث يتم استخدام الطاقة التي يتم إنتاجها محلياً مع تحويل الفائض إلى شبكة الهيئة، وإجراء مقاصة بين وحدات الطاقة الكهربائية المصدرة ووحدات الطاقة الكهربائية المستوردة.

خلال ساعة واحدة فقط، ترسل الشمس إلى الأرض طاقة تكفي احتياجات البشرية لمدة سنة كاملة. وتعد الشمس أقدم مصادر الطاقة على الإطلاق، إلا أن تقنية الألواح الكهروضوئية لتوليد الكهرباء لم تظهر سوى في خمسينات القرن الماضي..

وخلال السنوات القليلة الماضية، تطورت تلك التقنيات وانخفضت تكلفتها بشكل كبير، فضلاً عن كونها طاقة طبيعية نظيفة لا تنضب. وقد حبانا الله تعالى في دولة الإمارات العربية المتحدة بشمس ساطعة طوال أيام السنة. لذا، فإن استغلالها بات ضرورة استراتيجية، وخاصة في منطقة الخليج العربي.

دعونا نفكر عملياً في تركيب الأنظمة الشمسية في بيوتنا وتسخير طاقة الشمس التي حبانا بها الله تعالى، من خلال مبادرة «شمس دبي»، لنكون شركاء في إنتاج الطاقة المتجددة وتحقيق أهداف حكومة دبي لتنويع مصادر الطاقة ضمن مفهوم المدينة الذكية المستدامة والسعيدة، ورؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، بأن تكون دبي الأقل في البصمة الكربونية على مستوى العالم بحلول عام 2050. لذلك، علينا أن نخطط لمستقبلنا ومستقبل أجيالنا القادمة، فكما يقول سموه: «الشعوب الناجحة لا تنتظر المستقبل بل تصنعه. والشعوب الناجحة لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد، بل تبدأ عمل الغد اليوم».

 

Email