راشد بن سعيد آل مكتوم وبداية الابتكار

ت + ت - الحجم الطبيعي

«كان راشد فارساً مغواراً وصانعاً من صناع الاتحاد، خلف أعمالاً جليلة وإنجازات خالدة»

المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان

تستنهض الأعمال العظيمة رؤى كبيرة وعميقة لأن الاستدلال بها يظهر أن هناك صناعاً كباراً بنوا أعمالاً كبيرة لا يقوم بها إلا هم. فالتاريخ المنصف لا ينسى مواقف هؤلاء الرجال الأفذاذ ونحن عندما نسترجع التاريخ التليد والأيام الماضية نبحث عنهم لنقف باحترام وتقدير عند علم كبير مازال سامقاً وعالياً في ذاكرة الدولة والشعب والناس إنه طيب الذكر باني دبي الحديثة الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم - رحمه الله. نتحدث هنا عن رجل دولة من الطراز الأول، رجل سياسة واقتصاد، رجل صناعة وتخطيط استراتيجي، أسس دولة مدنية عصرية تقوم على مقومات الدول الحديثة والمتقدمة.

والذي ينظر إلى إمارة دبي حالياً يعي جيداً أن الشيخ راشد بنى إمارة عصرية وفق عقلية استشرافية إبداعية ابتكارية تقوم على تحدي الواقع واستحضار المستقبل والتعامل مع التحديات بنوع من الصبر والاصطبار والحنكة.

فمنذ توليه مقاليد الحكم في العام 1958م بادر إلى بناء منظومة متكاملة ليؤسس مدينة تعانق الألفية الثالثة وفق منظور طموح وآمال في الغد المشرق وهو ما جعله ينشئ ميناء راشد في العام 1969م بعدد (32) رصيفاً لسفن البضائع والحاويات. و(12) مستودعاً لبضائع الترانزيت على الرغم أن المخطط له أن يشتمل الميناء على (4) أرصفة فقط، و(4) مستودعات لتكون الزيادة فيها ( 700%) في عدد الأرصفة، و( 200%) في عدد المستودعات، لأن الرؤية الاستراتيجية تتعامل مع قادم الأيام بحرفية ومهارة، ثم أتبعه بإنشاء مطار دبي الدولي عام 1971م، وبإنشاء ميناء آخر هو ميناء جبل علي في عام 1976م، وأصدر في 1985م أمراً بإنشاء منطقة حرة في جبل علي لتكون أول منطقة حرة في دولة الإمارات العربية المتحدة، والخليج.

هذه العقلية الإبداعية جعلت من إمارة دبي منطقة تجارية متميزة تتمتع بكافة المقومات والبنى التحتية الصالحة لإقامة التجارة والاستثمار الخارجي وتبادل البضائع، ولا يمكن أن يكون ذلك محض صدفة بل هي العقلية الخلاقة تفكر قبل الآخرين وتنفذ قبل الآخرين، وتتابع قبل الآخرين، لأن صاحبها لاينظر تحت قدميه بل يمد بصره إلى الأفق البعيد ويمتلك فكراً تنموياً مبهراً يقوم على الإنسان وتمكينه بكافة الإمكانات والموارد اللوجستية والأجهزة الإدارية.

الشيخ راشد، له فكر نهضوي لا يرضى أن يكون حبيس التاريخ والجغرافيا والمعوقات والتحديات وانتظار الفرص لأن العقلية الاستشرافية الإبداعية لا ترتضى أن تكون في قوالب جامدة وروتينية، فالركب الحضاري يحتاج إلى المبادرة والمجازفة والمخاطرة والمغامرة من أجل تحقيق الأحلام الكبيرة فشق الخور رغم أنه كان حلماً كبيراً، وأصبح اليوم شريان الحياة لدبي، وكان مرتبطاً به حتى غدا خور دبي علماً حضارياً سجل في منظمات عالمية تعنى بالثقافة والعلوم (اليونيسكو ).

وفي هذا السياق الإبداعي نرى أن دبي الإمارة الواعدة الجميلة التي يرعاها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بنفس النهج الحضاري والاستفادة من مزايا الخور على ضفتيه لتقام عليها أوجه وأشكال العمران والحضارة المتنوعة والمشاريع المختلفة.

إنها رؤى الحضارة تتلاقح وأفكار التقدم تتلاحق في دبي اتقنها الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم،- رحمه الله- وسلم رايتها إلى أبنائه من بعده الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم – طيب الله ثراه – والقائد الحالي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، الذي جعل من منارات الشيخ راشد بن سعيد الإبداعية الأكثر إضاءةً وسمواً وارتقاءً في كافة المحافل المحلية والإقليمية والعالمية.

Email