الطابور المدرسي والبنت الإماراتية

ت + ت - الحجم الطبيعي

من الطابور المدرسي الذي هو عمود من أعمدة المدرسة تبدأ تتعرف فيه الهيئة التدريسية على الطلاب أو الطالبات في أول طابور مدرسي، من هنا يبدأ الطلبة بالتعليم والانتظام وكيفية الانضباط وكيفية الوقوف في صف واحد.

ومن الطابور المدرسي الذي كان في أول الأمر في البيوت المنزلية ذات الساحات المنزلية (الليوان أو الصاباط) والغرف أو الحجرات التي تضم ثلاث طالبات على كرسي وطاولة واحدة وسبورة ومساحة وطبشورة، وتبدأ الحصة الأولى مع حمد قلم وفي الحساب 1 + 1 = 2 أو 2+2=4.

وينظرنا من خلف الدريشة التي أساساً كانت لأحد المنازل، ويحلمن بهذا المستقبل وكيف يكون لهن بالغد، وقد تحقق هذا المستقبل والحمد لله الذي بدأ منذ عام 1952م مع بداية وصول البعثة الكويتية التي نمت الطلبة الإماراتيين والطالبات الإماراتيات، وأنشأت الجيل الإماراتي الذي قدم وساهم منذ ستين عاماً على إنشاء جيل أصبح من الجيل المكافح والواعي الذي حملت سواعده، والجيل الذي أتى بعده وقدم كثيراً وساهم كثيراً إلى أن واصل من طابور إلى طابور.

بعد أن كان في غرفة صغيرة وطابور أصغر، صارت البنت الإماراتية في مدرسة، وأصبح التعليم ذا كيان مدرسي أكبر، وأصبحت البنت الإماراتية التي تتعلم عندما كانت طالبة تقف في الطابور والآن تستقبل الطالبات وتتعرف عليهم، طالبات جدد في الطابور الجديد في المدرسة الجديدة، وأخذت بدورها في الهيئة التدريسية.

ومن الطابور المدرسي ابتدأت المعلمات تتنافس مع بعضهن البعض في تهيئة الطالبات المبدعات في تقديم الإذاعة المدرسية اليومية، وتشكل الفرق الموسيقية وتشكل فرق المرشدات لرفع العلم اليومي وفرق إلقاء النشيد الذي يلقى في الطابور الصباحي.

تعلمنا حب الهيئة التدريسية والمدرسات واعتبرنا "الفراشة" بمثابة والدتنا أو خالتنا كنا نتبادل المحبة ونتبادل الزيارات في ما بيننا، لا بقصد الدروس الخصوصية ولكن بقصد المعلم ولأن للمعلم احترامه، لكن صفة المحبة هي التي جعلتنا نتبادل الزيارات في ما بيننا.

ولأن من البداية تشكلت البنت الإماراتية وبرزت إبداعاتها وابتكرت هذه الإبداعات ولإيمان القيادة السياسية وحكام البلد وقفوا وقفات سديدة بجانب بنت الإمارات فأخذوا بناتهن بجانب البنات الأخريات كي يتعلمن معهن في فصول انتظامية واحدة ولم يكن بينهن فرق.

وخرجت البنت الإماراتية من هذا الطابور المدرسي الذي كان لها بمثابة التأهيل والتعليم وإبراز موهبتها وطاقاتها وتشكلت نقاط من همزات الوصل واللغة والبلاغة والقراءة وأسلوب التحدث، ومن جانب آخر استعراض الشخصيات التي تستطيع تقديم نفسها بالإذاعة والتي سوف يكون لها مستقبل من خلال الإذاعة المدرسية اكتشفت المدرسات مواهب آلاف من الطالبات واستطاعوا تنمية مواهبهن من الطابور المدرسي.

وبقية البنت الإماراتية في التعليم من خلال الطابور المدرسي الذي كان لها نقطة انطلاق إلى حياة أرحب وأوسع فعرفت أن الدنيا ليست طابوراً مدرسياً، لكن هذه كانت البداية وإن أعطتها الحرية في التعرف على عالم جديد وتفكير جديد، نمت وكبرت في ظل أيام كانت بالنسبة لها حلوة ومرة باردة برودة الطقس وعندما يطلب منها أن تفرك يديها حتى لا تتجمد وتعطي نفسها حرارة فتفرك يديها بحماس.

ومهما يكون الحر لا يهم كمية العرق لكن حب الوطن يعطينا الدافع للاستمرار، وهذا ما أعطى بنت الإمارات أنها تنتقل من طابور ساحة منزلية إلى طابور مدرسي إلى أن صارت في أعرق الجامعات لا تقف في طابور صباحي إنما تحمل كتبها وثم حملت الكمبيوتر المحمول وحالياً أصبحت تحمل اللوح الإلكتروني.

وها هي البنت الإماراتية أصبحت جدة وأماً شكلت الجمعيات النسائية التي أكملت أربعين سنة في 28 / 8/ 2015 والتعليم النسائي للإمارات أكمل أكثر من ستين عاماً منذ بداية انطلاقه، ولأن بنت الإمارات باتت القيادة الحكيمة تفتخر وبإنجازاتها حملتها على طبق من ذهب وأعطتها سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك (أم الإمارات) الفرصة، هذا العام في يوم المرأة الإماراتية في 28 / 8 بالاحتفال بالإماراتية العسكرية والجندية والشرطية.

 

Email