أطفال فلسطين والقمع الصهيوني

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يكتفِ المحتل الصهيوني من الممارسات غير الأخلاقية تجاه الأرض والشعب الفلسطيني بل تمادى علناً ضد أطفال فلسطين، حيث شهدت الأعوام الأربعة الماضية تزايداً في عدد الأطفال المعتقلي وما يتعرضون له من العديد من أساليب التعذيب والقمع في السجون الإسرائيلية.

الشارع الفلسطيني يشهد أساليب عدوانية متعددة تمارسها سلطات الاحتلال الصهيوني ضد الطفل الفلسطيني، واتخذت هذه الأساليب أشكالاً مختلفة كالقتل المتعمد والحرمان من التعليم بإغلاق المدارس لمدد طويلة، واتخاذ المدارس والمؤسسات التعليمية كثكنات عسكرية ومحو صفتها كمدرسة، إلى جانب ترويع الأطفال باستخدام صفارات الخطر بشكل مستمر وحرمانهم من الراحة النفسية والنوم بسلام.

وما يزيد من المعاناة النفسية لهؤلاء الأبرياء هو ضرب عناصر الاحتلال لآبائهم وأمهاتهم أمام أعينهم، وضرب الأطفال أقرانهم بعنف، الشيء الذي أدى في أغلب الأحيان إلى حالات من الخرس وفقدان الوعي.

كما أن سياسة الضرب المبرح التي يتعرض لها الأطفال وكذلك الاعتقال والقتل ومداهمة المنازل ليلاً ساهمت بشكل كبير في تنامي عنصر التمرد لدى الأطفال، حيث تتولد لديهم ردة فعل عنيفة وتندثر فيهم براءة الطفولة.

إن أكثر ما ينزعج منه الصهاينة هو التوالد الفلسطيني والدليل على ذلك ما قالته رئيسة الحكومة الإسرائيلية الأسبق غولدا مائير (ان اكثر ما يؤرقني هو عندما تلد امرأة فلسطينية مولوداً جديداً فأشعر أن جزءاً من الحلم الصهيوني ينهار مع ازدياد التوالد الفلسطيني) الشيء الذي أدى إلى تركيز الصهاينة على قتل الأطفال وإجهاض النساء الفلسطينيات.

كل هذه الظروف انعكست سلباً على سلوك ونفسية الطفل الفلسطيني تمثلت في تولد مشاعر مختلفة منها التوتر الصراخ والبكاء وفقدان الشهية والكوابيس أثناء النوم مع قلة وصعوبة النوم اضافة إلى الخوف من الظلام ومن الأصوات العالية وغالباً ما يفضّل هذا الطفل العزلة عن الناس والميول إلى الألعاب العنيفة، واختياره للسيوف والمسدسات والرشاشات للعب.

هؤلاء الأطفال أصابتهم عدوى الغضب والحزن وعدم الشعور بالأمان وتفجرت لديهم الرغبة في الانتقام، فلم يجد هؤلاء الأطفال غير الحجارة سلاحاً تستطيع اكفهم الصغيرة حمله ومواجهة دبابات العدو الصهيوني وبنادقه وآلياته الحربية، فالطفل الفلسطيني الذي اتخذ من الحجارة سلاحاً له، نذر نفسه بأن يكون مشروع شهيد، فأصبحت قائمة شهداء الانتفاضة من أطفال فلسطين تتطاول وتتزاحم فيها الأسماء.

وهذا ما أكدته وزارة الصحة الفلسطينية، حيث إن حصيلة شهداء أطفال غزة تجاوزت 560 شهيداً منذ العدوان الإسرائيلي بحيث يشكل الأطفال اكثر من ربع العدد الإجمالي للشهداء الذي قفز إلى 2080 شهيداً.

ومن جانب آخر شهدت الأعوام الأربعة المنصرمة ازدياداً في نسب الأطفال المعتقلين، الذين «يتعرضون لأساليب متعددة من التعذيب والتنكيل كما تقول مصادر حقوقية متعددة.

فبموجب حق الوصول إلى المعلومات تقدمت مؤسسة الميثاق لحقوق الإنسان إلى قسم «شكاوى الجمهور» في شرطة الاحتلال بطلب الحصول على احصائيات حول الأطفال الفلسطينيين في القدس الذين تم اعتقالهم على خلفيات «أمنية» خلال العام 2013، وخلال الشهور التسعة الأولى من عام 2014، ورداً على هذا الطلب قالت الشرطة إنها اعتقلت في العام 2013- 173 طفلاً، منهم 8 أطفال تتراوح أعمارهم بين 12-13 عاماً، و165 طفلاً ما بين 14-17 عاماً.

أما فيما يتعلق بلوائح الاتهام التي قدمت في العام 2013، تشير المعطيات أنه تم توجيهها لـ 49 طفلاً فقط (طفل واحد منهم عمره بين 12-13 عاماً)، أي ما نسبته 28.3% فقط من مجمل الأطفال الذين تعرضوا للاعتقال.

فيما أكد تقرير هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين أن مجمل عدد الأطفال المعتقلين في سجون الاحتلال قرابة 700 طفل خلال سنة 2014 منهم 45 طفلاً معتقلاً في سجن «عوفر» الواقع قرب رام الله بالضفة المحتلة، والباقي يتوزعون على سجني «عتصيون» و«هشارون».

وقالت المختصة في شؤون الأسرى أمينة الطويل، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي عمدت في الآونة الأخيرة إلى «تصعيد وتيرة» اعتقال الأطفال الفلسطينيين، الذي يبدأ باستدعائهم، ثم احتجازهم، ليصل إلى التنكيل بهم، وتحطيم نفسياتهم، بهدف زعزعة الثقافة الوطنية لديهم، وإبعادهم في المستقبل عن ساحة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وأكدت الطويل أن معظم الأطفال المعتقلين يتلقون تهديدات متواصلة بـ«الاغتصاب من قبل قوات الاحتلال بهدف إسقاطهم أمنياً».

اعتقال الأطفال في مدينة القدس تصاعد في الآونة الأخيرة، بعد اللهبة الشعبية التي اندلعت إثر استشهاد الفتى المقدسي محمد أبو خضير، رافقه سياسة تعامل صارمة وهو ما صرّح به الإعلام الإسرائيلي بعد كشفه عن مطالبة النيابة العامة الإسرائيلية بإنزال عقوبات شديدة بحق الأطفال المقدسيين، كوسيلة للحد من رشق الحجارة على المركبات الإسرائيلية والشرطة، كما ادعت، وطالبت النيابة بتمديد اعتقال أطفال القدس، حتى انتهاء الإجراءات القانونية بحقهم، والتي يمكن أن تستمر مدة عام.

من المرجح أن ما يتعرض له هؤلاء الأطفال من انتهاكات سيؤثر سلباً على مستقبلهم المعيشي والعملي، الشيء الذي يدخلهم في مرحلة الاكتئاب واللامبالاة الناجمة عن فقدان الأمل في المستقبل.

لكن ما هو مؤكد أن الأطفال في فلسطين يولدون رجالاً، نعم هم رجال، لا يخافون الموت، هم رجال بعمر الزهور أجسادهم الصغيرة تحمل هماً كبيراً، وبإذن الله سوف تشرق شمس الأمل قريباً على أطفال فلسطين وسوف يعيشون بحفظ وأمان.

حفظ الله أطفال فلسطين.

Email