إيران.. طلاق الثورة ونضوج الدولة !

ت + ت - الحجم الطبيعي

ايران القاسم المشترك في مشكلات المنطقة. وهي تثير علامات استفهام حول توجهاتها السياسية وطموحاتها الاقليمية. ويتساءل كثيرون ماذا تهدف ايران من هذه السياسة وماذا يستفيد المواطن الايراني؟. السياسة هي وسيلة تمارسها الحكومات لخدمة شعوبها واستقرارها وليس العكس. وهنا جزء من اشكالية ايران في علاقاتها مع دول المنطقة.

وطرح الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي سؤالاً مهما (كيف يمكن لإيران أن تدعونا الآن لوقف القتال؟ وأين كانت منذ سنة، عندما كان الاقتتال في اليمن؟). سؤال يحمل في داخله استنتاجات..

أولها أن ايران ليست مهتمة بقضية الحرب في اليمن من ناحية انسانية, بل هي مع الحرب اذا كانت لصالحها, فحينما كان الحوثيون يتمددون من مدينة الى مدينة ويختطفون المسؤولين ويقتلون المدنيين ويمارسون سياسة الترهيب والقوة لم تحتج ايران وقتها, بل على العكس دعمت الميليشيات بشكل مباشر وسيرت ١٤ رحلة اسبوعيا الى صنعاء تؤكد مصادر مطلعة أنها كانت تنقل السلاح بكميات هائلة.

القضية ليست صراعا شيعيا سنيا ولايمكن أن تكون كذلك. فالسعودية ودول التحالف تدرك ان الصراع الطائفي محرقة سوف تلتهم الاخضر واليابس. والشيعة جزء من مكونات المجتمعات الخليجية. ولكنها الايدلوجيا التي يمارسها فكر الثورة في ايران وتعززها بطموحات اقليمية كبيرة. وسبق وأن قلنا إنه من حق ايران أن يكون لها اجندة وطموحات ولكنها لابد أن تحترم الالتزام بمباديء حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية واحترام سيادتها.

ايران الثورة فشلت داخليا, ولم تستطع أن تحقق مشروعا تنمويا لخدمة الانسان الايراني, واتجهت الى سياسة التوسع الاقليمي بوسائل متعددة , وهنا السؤال لماذا ايران تغامر في سياسات توسعية تستنزف اقتصادها وتقودها الى صراعات اقليمية ودولية. فيفترض ان ايران تجاوزت مرحلة الثورة الى الدولة.

وكل الثورات التي قامت في العالم مرت بمراحل متقلبة ومراهقة سياسية ولكنها تصل في نهاية المطاف الى مرحلة النضوج. فالدولة تعقلن الثورة. وتهذبها. والجزء الاصعب فيها انتقالها من الفكر الثوري الى النظام السياسي.

حاولت الثورة الايرانية في بداياتها ترويج مبدأ تصدير الثورة, وهو الأمر الذي اوقعها في صدامات كثيرة في المنطقة, ودخلت في مواجهات سياسية وعسكرية. وثبت فشل هذا المبدأ فلم تستطع ايران أن تصدر ثورة الى أي بلد, بل واجهت داخليا حركات ثورية للطلبة انتهت بقمعهم وسجن اصلاحيين واغلاق جمعيات ومطبوعات.

والثورات التي انطلقت في ٢٠١١ في العالم العربي لم يكن لإيران دور فيها, بل حاولت ان تقطف ثمار هذا التغيير من مبدأ الانتهازية السياسية وتطلق تصريحات تدعي فيها أنها المحرضة لهذه الثورات فيقول سيد عزت الله ضرغامي رئيس مؤسسة الاذاعة والتلفزيون الايراني عند انطلاق ما يسمى بالربيع العربي ( أن توجهات ومطالب الشعوب الثائرة في شمال افريقيا والشرق الأوسط متأثرة كلها بالثورة الاسلامية في ايران). لكن حينما كانت الثورة في سوريا ضد نظام الأسد وقفت ايران مع النظام ضد الشعب بل وحاربت ضد المواطنين السوريين.

ايران في توجهاتها السياسية تلعب على ورقة الطائفية فالقاسم المشترك بين دخولها في العراق وسوريا ولبنان واليمن هو القفز على الانظمة لدعم الطائفة, وهذه سياسة ثورية ستقود المنطقة الى حروب ومستقبل مظلم. اقحام الدين في السياسة مسألة خطيرة فالسياسة متغيرة بتغير المصالح والعلاقات, بينما الدين ثابت وأكبر من مفهوم المصلحة السياسية. ولذلك تؤكد السعودية ودول التحالف أن عاصفة الحزم منطلقة من دعمها للشرعية وليست حربا ضد طائفة. ولذلك هناك تاريخ من المبادرات التي سعت اليها دول الخليج لتجنيب اليمن الحرب الأهلية والتي كانت ثمارها المبادرة الخليجية التي انقلب عليها الحوثيون.

قرار عاصفة الحزم كان واحداً من القرارات المصيرية في التاريخ العربي, ليس فقط لدعم الشرعية فحسب, بل لتحديد مستقبل المنطقة العربية في أي مسار سوف تسير. وهل يترك الفضاء العربي مشاعاً للقوى الاقليمية المجاورة لتتحكم في المصير العربي. وربما تفاجأت ايران من رد الفعل السعودي لكن يرد وزير الخارجية السعودي أن إيران ليست مسؤولة عن اليمن، ولم نسمع منها أي دور عندما كانت اليمن في طور التنمية. وهو حديث منطقي فالسعودية قدمت لليمن عشرات المليارات من الدولارات وكثير من المستشفيات والمدارس في اليمن تم بناؤها بأموال خليجية. بينما ايران قدمت الاسلحة وفكر الميليشيات.

الطلاق من الفكر الثورى والاندماج في النظام العالمي والالتزام بالقانون الدولي هما البوابة التي ستقود ايران للتنمية داخليا والاستقرار خارجيا.

Email