لهذه الأسباب شاركنا في عاصفة الحزم

لم تأت مشاركة دولة الإمارات العربية المتحدة مع شقيقاتها في تحالف دعم الشرعية في اليمن وعملية عاصفة الحزم من فراغ، ولكنها جاءت استمرارا وتأكيدا لمسيرة متواصلة من الحرص على المصلحة العربية المشتركة والحفاظ على الأمن القومي العربي بمفهومه الجمعي، إضافة إلى تقاليد راسخة في نجدة الأخ ونصرة الشقيق.

فالواقع أن تسارع التطورات في اليمن الشقيق على النحو الذي اتجهت إليه الأمور في الأسبوع الماضي كان ينذر بتحولات خطيرة ليس على مستقبل البلد الشقيق فحسب وإنما على مستقبل المنطقة برمتها، وخاصة مع تجاهل عصابات الحوثيين وحلفائهم لكل منطق الحوار، واستبدالهم ذلك بغرور صبياني أهوج لا يقيم وزناً لا لدولة ولا لأخلاق ولا لسلم أهلي ولا لوحدة وطنية.

لذلك كان منطقياً جداً أن تستجيب دول مجلس التعاون والشقيقات الخمس الأخريات للنداء المخلص الذي وجهه فخامة الرئيس اليمني للتدخل العاجل نصرة للشرعية الدستورية في اليمن الشقيق، وحماية لمستقبل أبنائه.

لكن من المهم هنا أن ندرك أن دعم ومساندة دول الخليج للشعب اليمني العزيز لم تبدأ اليوم، فقد كانت المبادرة الخليجية هي الأساس الذي بني عليه الانتقال السلمي للسلطة في العاصمة صنعاء عام 2012، وهو الانتقال الذي نزع فتيل أزمة لا يعلم إلا الله المدى الذي كان يمكن أن تصل إليه لو تركت الأمور على ما كانت عليه قبل تدخل «الحكمة الخليجية» لحل المعضلة اليمانية.

ولو أن الحوثيين وحلفاءهم قدموا الحكمة على الشبق السياسي لكانوا جنبوا بلادهم وشعبهم الكثير من الدماء والمآسي، ولما كانت هنالك ضرورة لتدخل عسكري على النحو الذي جرى، لكن شبق المراهقة السياسية والغرور الطائفي المريض وأطماع المتربصين شرق الخليج حولت اليمن إلى ساحة خلفية للتآمر على الأمة العربية وخليجها، وكانت أولى خطوات تلك المؤامرة تدمير كيان الدولة اليمنية على النحو الذي شاهدناه بالتفصيل الممل منذ سيطرة عصابات الحوثي على العاصمة صنعاء في سبتمبر الماضي وما تلاه من اختطاف الرئيس الشرعي ورئيس وأعضاء الحكومة الشرعية وصولاً إلى إعلان الانقلاب على الدستور والدولة والشرعية.

لم تتدخل دول الخليج في اليمن، ومن ضمنها دولة الإمارات العربية المتحدة، من أجل فرض شخص رئيس معين، ولكن من أجل حماية اليمن وشعبه، والمحافظة على مسيرته الدستورية الشرعية التي يمثلها اليوم رجل واحد هو فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي المنتخب من قبل الشعب اليمني، فلا شرعية للانقلاب، ولا شرعية للأطماع.

ولكي نستوعب ما جرى، علينا أن نتذكر بعض الحقائق حول مخاطر استمرار الفوضى والانقلاب في اليمن الشقيق:

فأولاً، إن استمرار الانقلاب الحوثي كان سيؤدي بالضرورة إلى تفتيت اليمن سياسياً وعسكرياً وأمنياً واقتصادياً، وربما انهيار الدولة اليمنية ككل، وهذا ما يشكل بوابة واسعة من الأخطار الأمنية والسياسية المباشرة على دول الخليج لا تبدأ بالجريمة المنظمة ولا تنتهي بالأعمال الإرهابية ويكفينا هنا أن نشير إلى الفوضى التي نشبت في بعض مناطق اليمن نتيجة سوء إدارة الرئيس السابق علي عبدالله صالح وكيف سهلت وصول الإرهاب والجريمة المنظمة إلى المنطقة.