الأم ملكة كل العصور

ت + ت - الحجم الطبيعي

هي ملكة تتربع على عرش الأسرة، هي القلب الطيب الحنون تجتمع فيها كل معاني الحب والعطاء والتضحية، تعطي الكثير في سبيل إسعاد أسرتها دون أن تنتظر المقابل، هي النبع الذي يستمد منه كل فرد منا أسمى مبادئ الحياة، هي سبب وجودنا في هذه الدنيا وسبب نجاحنا، تعطينا من دمها وصحتها لنكبر ونترعرع أصحاء سليمين، هي عوننا في الدنيا وهي من تدخلنا الجنة؛ فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم «الجنة تحت أقدام الأمهات» فمن نال رضا الأم نال الجنة بإذن الله.

الأم مصدر السعادة والأمان والألفة والاطمئنان، وهي بمثابة دعامة لبناء الأسرة الذي يشكل المجتمع لما تقوم به من مسؤوليات لا يستهان بها.

شيء جميل أن يكون للمرء سيارة فارهة وبيت رائع وأن يكون له زوجة عظيمة وأموال طائلة لكن الأجمل من هذا كله أن تكون لديه أم يقبل يدها ويسعى لرضاها ويسمع منها دعاءً جميلاً يشعره بالراحة والطمأنينة ويشعره بالقوة التي تدفع الإنسان إلى خوض أصعب معارك الحياة دون خوف ما دام دعاء الأم ورضاها عنه معه دائما.

لكن للأسف نرى الكثير من الأبناء من يخجلون من أمهم وهم يمشون معها أو يأخذونها إلى مكان عام، يخجلون من شكلها الذي هرم في سبيل تربيتهم والتعب من أجلهم، يخجلون من مظهرها الذي لربما يظنون أنه غير لائق، أو ربما يستهزئ بهم من يراها معهم، وعلى العكس تماما تكون الأم حينها في غاية السعادة والفرح، كلها فخر بأبنائها وهي ترافقهم إلى أحد الأسواق أو زيارة الأقارب.

وفي سياق آخر قد نجد بعض أبناء الزواج المختلط، أي أن الأم تكون من غير جنسيتهم، يخجلون من هذا الوضع أمام أصدقائهم والمقربين لهم ويشعرون أنهم لا يشبهون أقرانهم من أبناء جنسيتهم، وبالتالي يشعرون أن هناك اختلافاً في الحياة داخل المجتمع والسبب كون أمهم غريبة عن جنسيتهم الأصلية، لكن يجب أن لا ننسى أن الأم أم مهما اختلفت جنسيتها، فعاطفة الأمومة لن تتغير بتغير الجنسية.

مجتمعنا بفضل الله متماسك وقوي تسود فيه الأخلاق الربانية ولا تميز جنسية عن أخرى، والأم في مجتمعنا تنحني لها الرؤوس وتتسابق الأيادي لمساعدتها، فرضا الله من رضا الوالدين وخصوصا الأم لما لها من دور كبير في توفيقنا ليس فقط في حياتنا اليومية بل طوال العمر.

الأم رحمة من الله في الدنيا والآخرة، فالبعض من الناس لن يعرف قدرها حتى يصبح عنده أبناء يحبهم ويخاف عليهم من نسمة الهواء ويسهر على تربيتهم ويتعب في هذه الدنيا لأجلهم، عندها سوف يعلم، وخصوصا النساء، تلك المكانة العظيمة للأم ودورها القوي في كل أسرة، وعندها سوف يدرك البعض أن كل ما سمعناه من أمهاتنا من توبيخ أو تأنيب أو معارضة ظناً منا بأنه تدخل منهن في خصوصياتنا وقمع لحرياتنا الشخصية هو في الحقيقة دفاع وحماية لنا من المهالك.

وتتعدد أوجه تكريم الإسلام للأم والرفع من مستواها على مر العصور بحيث حث على حمايتها والعناية بها ومَنع من ظلمها والاعتداء عليها أو استغلال ضعفها أو نحو ذلك، وجعل برها من أصول الفضائل لما تحملته من مشاق الحمل والوضع والإرضاع والتربية، وهذا ما يؤكده القرآن الكريم في أكثر من سورة ليثبته في أذهان الأبناء، ومصداقا لقوله تعالى:

﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾

وعليه فمهما حاول الإنسان لن يوفي حق المرأة التي حببها الله وكرمها وفضلها على العديد من عباده فلن يوفيها حقها إلا الله عز وجل.

لم يشهد التاريخ ديناً ولا نظاماً كرم المرأة باعتبارها أماً مثلما كرمها الإسلام ورفع من شأنها في كل مراحل حياتها، ومن أعظم الأدلة على مكانة الأم في الإسلام الحديث النبوي الشريف الذي يروي قصة رجل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: من أحق الناس بصحابتي يا رسول الله؟ قال «أمك» قال ثم من؟ قال «أمك» قال: ثم من؟ قال: «أمك» قال: ثم من؟ قال: «أبوك».

فضل الأم علينا كبير وعظيم من واجبنا الاعتراف بذلك وتقدير جهودها في سبيل إسعاد أبنائها، يجب أن نبذل أقصى جهودنا لتكريمها والتعبير عن أهميتها، فتحية إجلال وتقدير لكل أمهات العالم، حقا تستحققن كل التقدير والاحترام فالمرأة نصف المجتمع إذا ما قلنا المجتمع كله، وهي من ربت رجالاً أصبحوا من ركائز مجتمعاتنا، كل عام وأمهات العالم بألف خير.

 

Email