الإعلام الإماراتي هوية المستقبل

ت + ت - الحجم الطبيعي

أواخر نوفمبر الجاري نحن على موعد مع حدث إعلامي إماراتي بامتياز يطرق عقولنا ومشاعرنا، ويجس ويقيس معيار هضمنا لواقعنا، وهو منتدى الإعلام الإماراتي في دورته الثانية، والذي يعقد تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله.

هو إماراتي بامتياز ليس لأنه يعنى بالإعلام المحلي وسبل تطويره وتلافي عقباته والارتقاء برسالته، وهو بلا شك من أهم أجندات المنتدى وأولى أولوياته، إلا أن امتيازه إنما ينبثق من كونه سيعالج مستقبل محتوى وسائل الإعلام المحلية، ومدى تعبيرها عن الشؤون والهوية المحلية.

وقدرة المحتوى المحلي على تلبية متطلبات الجمهور، وهي معالجة يراد لها هذه المرة أن تكون بلا حواجز ولا تنميقات ولا توابل وتوصيات جاهزة، وإنما كما ينوي منظموها، ستناقش شؤوناً إعلامية محلية دون التقيد بشعار محدد، بغية وضعها تحت مجهر التحليل والمناقشة المستندة إلى سقف الحرية والمصارحة والشفافية.

نعم، بالحرية والمصارحة والشفافية، وبهذه المجاهر الثلاثة فقط، يمكن لبذرة الإعلام المحلي أن تنمو وتزهر وتثمر، في حين أن التقييد والمداهنة والتدليس على القارئ والمسؤول، كفيلة بأن تخنق الإعلام المحلي وتلقي بمستقبله في مجاهيل التخلف.

لا بد أن يقال هذا الكلام وأن تسمعه الآذان، لأننا نريد لإعلامنا أن يكون رائداً إقليمياً وعالمياً، وأن يعزز مفاهيم الهوية الوطنية بدعائم الثقة به أولاً من قبل المتابعين، لا أن يخسر حصونه الأولى ورأس ماله الوطني.

لا يستطيع أن ينتقص أحد من إمكاناتنا التقنية الإعلامية، ونحن الذين ننفق الميزانيات الضخمة على أرقى أجهزة الإعلام، ونحتضن المدن الإعلامية الكبرى بما تقدمه لنا من احتكاك مع الخبرات العالمية، إلا أننا أمام أبلغ تحد في هذا المضمار، ويكاد يكون كالتاج على رأس البناء الإعلامي من حيث الإمكانات والتجهيزات، ألا وهو المحتوى الإعلامي، بل يمكن أن نعده كالروح السارية في أوصال الجسد، والتي لا يحيا إلا بها.

واقع تطوير المحتوى الإعلامي أخذ حيزاً مهماً من توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حين أمر قبل أشهر يسيرة من الآن بمواصلة العمل على تطوير المحتوى الإعلامي بما يواكب الطموحات التنموية لدولتنا، ويؤازر النهضة الشاملة التي طالت مختلف أوجه الحياة في بلادنا، ويبرز مواطن القوة في منظومة العمل الوطني، ليكون رفداً جديداً من روافد التميز التي تسهم بدور فعال في شحذ الهمم والطاقات نحو مزيد من الإنجاز المشرّف في شتى القطاعات وضمن مختلف المجالات.

بل إن سموه وضع الإعلام في مكانته التي لا ينبغي أن يتوانى عنها أو يرضى بخلافها بديلاً، حين حمله مسؤولية القيام بواجبين واضحين إن استطاع أداءهما بأمانة الإعلامي الغيور على مصلحة وطنه، فسيكون ممهداً لطريق التنمية والنهضة الشاملة، أما إن ركز على جانب دون الآخر فلا بد أن يسير مترنحاً يشقى في اجترار المهضوم، دون أن يستطيع بناء لبنة واحدة في صرح العمل الوطني.

هذان الواجبان اللذان أكدهما صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، رعاه الله، يتمثلان أولاً في تسليط الضوء على النجاحات المحققة لتكون حافزاً للحفاظ عليها والارتقاء بها والإضافة إليها، ثم ثانياً في رصد مواطن الخلل لتكون عوناً على معالجته وتصويبه بما يخدم المصلحة العامة للوطن والمواطن.

وعند ذلك فقط نكون قد أدركنا رسالة الإعلام الحقيقية، بعيداً عن مهارات لبس الأقنعة وإرضاء هذا وذاك على حساب الحقائق، لأنها لن تكون إلا معول هدم في ما نطمح للحفاظ عليه وزيادته وعلوه من إنجازات ومكاسب.

 

Email