واي فاي نعمة أم نقمة؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

 «في واي فاي؟» سؤال مصيري يطرح عند الدخول إلى المنزل أو المطعم أو الفندق أو مركز التسوق، وكل الويل إذا كانت الإجابة «لا». تظلم الدنيا وتكفهر الوجوه، ويصبح الهاتف المحمول في لحظات مجرد خردة!

أصبح انتشار الهواتف المحمولة والإنترنت في يومنا هذا، من ضروريات الحياة في الكثير من أنحاء العالم. لكن أليس هناك ضرر على صحتنا من هذا الاستخدام المطرد؟

قبل الإجابة، دعونا نبحر بعجالة في أمواج حركة الهاتف. عندما تركب سيارتك وتستقبل مكالمة على هاتفك المحمول، فأقرب محطة إرسال من موقعك ستلتقط المكالمة. واللطيف في الأمر أنه عندما تنطلق مثلا في شارع الشيخ زايد وأثناء حديثك على الهاتف، تقوم ترددات المكالمة بالقفز من محطة لأخرى (المحطات منتشرة على طول الشارع أو فوق أسطح بعض البنايات والمنازل)، مواكبة حركتك حتى تنتهي من الحديث.

التخوف الذي يطرح نفسه دائما، هو ضرر هذه المحطات المنتشرة والترددات التي تخرج منها على صحة الفرد والمجتمع. حسب تقارير منظمة الصحة العالمية، تشير القياسات والدراسات الحالية إلى أن مستويات التعرض للتردد المنبعث من المحطات المذكورة في الأماكن التي يتواجد فيها الجمهور (بما فيها المدارس والمستشفيات)، أقل بآلاف المرات من الحدود الدولية المسموح بها.

في الواقع، يمتص الجسم الأشعة المنبعثة من البث الإذاعي FM والبث التلفزيوني، بمعدل خمس مرات أكثر من امتصاصه للأشعة المنبعثة من محطة الهاتف المحمول. مع ذلك، ومع العلم بأن محطات البث الإذاعي والتلفزيوني تعمل منذ أكثر من 50 عاما، فإنه لم يتبين أن هذه المحطات لها أية آثار صحية مؤكدة.

في السنوات الخمس عشرة الأخيرة، تم نشر العديد من الدراسات التي تبحث في العلاقة بين انتشار مرض السرطان حول الهوائيات التي تبث موجات لاسلكية. ولم تجد هذه الدراسات أي دليل على أن التعرض للأشعة المنبعثة من تلك الهوائيات، يزيد من مخاطر انتشار مرض السرطان. أما بالنسبة للآثار الصحية على الدماغ فإن الدراسات..

والتي تبحث في وظيفة الدماغ وسلوكه بعد تعرضه لمجالات التردد مثل تلك الصادرة من الهواتف المحمولة، لم تبين وجود أية آثار صحية ضارة، مع العلم بأن مستويات الإشعاع التي تم التعرض لها في هذه الدراسات، كانت أعلى بحوالي 1000 مرة من تلك التي يتعرض لها الجمهور من محطات الهواتف المحمولة. أيضا لم تتم ملاحظة أية تغييرات ذات صلة على نمط النوم أو وظائف القلب والأوعية الدموية.

حتى الآن فإن الأثر الصحي الوحيد الذي تم التعرف عليه، يعود إلى الارتفاع في درجة الحرارة (أكثر من درجة مئوية واحدة)، نتيجة التعرض لكثافة إشعاعية عالية، والتي تتواجد فقط في بعض المؤسسات الصناعية مثل المسخنات التي تستخدم نفس النوع من الترددات.

أما بالنسبة إلى الترددات المنبعثة من أجهزة ونقاط «الواي فاي» المنتشرة في كل بيت وفندق، فقد أوضح آخر تقارير منظمة الصحة العالمية، أن ما ينبعث منها خلال سنة كاملة، يعادل ترددات مكالمة لمدة عشرين دقيقة فقط على الهاتف المحمول.

المشكلة أن بعض الناس يشعرون بأن المخاطر الآتية من التعرض لأشعة التردد اللاسلكي هي مخاطر كبيرة، وهناك أسباب مختلفة لتخوف الجمهور المبالغ فيه، منها إعلانات وسائل الإعلام عن دراسات علمية جديدة وغير مؤكدة، تقود لشعور من عدم الـتأكد والاعتقاد بأنه من المحتمل وجود مخاطر غير معروفة أو غير مكتشفة. الأسباب الأخرى لها علاقة بعوامل جمالية، والشعور بنقص الرقابة أو عدم المشاركة في عملية تحديد مواقع محطات الهواتف المحمولة الجديدة.

إن وجود برامج تربوية، وكذلك التواصل الفعّال مع الناس، ومشاركة الجمهور قبل تركيب مصادر التردد اللاسلكي، سوف يعزز ثقة الجمهور وتقبلهم لوجود تلك المحطات. إذن، آخذين بعين الاعتبار مستويات التعرض المنخفضة جدا، ونتائج الأبحاث العلمية حتى هذا التاريخ، فإنه لا يوجد دليل علمي على أن الإشارات الضعيفة التي يتعرض لها الناس من محطات الهواتف المحمولة، وكذلك من شبكات الاتصالات اللاسلكية والواي فاي، تسبب آثارا صحية ضارة على المدى القريب أو البعيد.

سؤال أخير: شو رأيكم في اللي يقول إن من طرق التعذيب الجديدة وضعك في مكان بدون نت؟

 

Email