أبناؤنا هم هدفهم

ت + ت - الحجم الطبيعي

وضِعتْ فرضية أن العرب شعبٌ لا يفكر، لا يقرأ، لا يتعلم، لا يفقه.. وهذه هي أكبر خيبة سوف تواجههم في تنفيذ مخططاتهم الكثيرة والمتوزاية.

تبدأ من بعيد، وفي ظاهرها لا توجد خارطة طريق، ولكنها تلتقي بعدها ولقاؤها يكون في احتفال عارم لنجاح الهدف الهادم، هادم للمجتمع، هادم للقيم، هادم للعلم، هادم للنجاح.

هذا هو المغزى وهذا هو المرجو.. ونحن هنا لا نتكلم عن جهة بعينها، وإنما نسرد أجزاء من الواقع المرير الذي يحيكه ويديره الكثير، ويعمل على إنجاحه الكثير، من خلال المعاهد والدورات وغيرها من الجهات التي اجتمعت على أمرٍ واحدٍ بإشراف واحد، ولكن لا ترتبطُ في مظهرها الخارجي، وفي نفس الوقت يكون تماسكها وترابطها في تفاصيلها الداخلية. الحزبية الدينية، الحريات، المرأة، العمال، حقوق الإنسان.. وغيرها من المسميات التي استحدثوها، سواء لاستخدامها كبوابة دخول في شؤون المجتمع أو وسيلة لتنفيذ هذه المخططات طويلة الأمد.

في الوطن العربي بحثوا في كل دولة على حدة، وحددوا طرق التعامل كلٌ وفق خطته ووفق المسلك الذي سوف يسلكونه، والبوابة التي سوف يدخلون من خلالها. جاؤوا لدول الخليج ووزعوا الأدوار بمختلف الأبواب التي حُددت للدخول من خلالها. بدؤوا بكلمة «متحضر»، ومن خلالها يبدأ نشر الفكر واستخدام كل السُبل؛ العمال.. ملف للضغط الاقتصادي، المرأة.. ملف لتأجيج الرأي العالمي، الطفل.. ملف يحاكي الوجدان العاطفي. واستوقفتهم دولة لم يجدوا لها باباً من الأبواب التي رسموها.

بدؤوا بالمرأة، فوجدوها أُماً ووزيرة وسفيرة وعضواً في البرلمان ومديرة وطبيبة ومعلمة ووو... إلخ. أتوا إلى الحرية، فوجدوا أكثر من 220 جنسية من مختلف الديانات واللغات والمذاهب والألوان، كلٌ يعيش حياته بأسلوبه ودينه. عزفوا على ألحان الطفولة، فوجدوا كل حقوق الطفل إلزامية على الجميع، حكومة وشعباً. وتوالت الأبواب ولكنها كلها مغلقة، فاستحدثوا المصطلحات الكثيرة للتجارة الحقيرة، ومنها الاتجار في البشر، تعذيب المعتقل، حرية التعبير والنشر.

تساءلوا كيف العمل هنا؟ يجب أن نجد حلاً، يجب أن نحضر.. فأتت الفكرة؛ الجيل القادم هو هدفنا وهو وسيلتنا الوحيدة لنتمكن من الدخول. لا بأس لو تأخرنا، ولكن نعد العدة لنتمكن من الدخول من خلال هذا الباب. وهنا مربط الفرس؛ أبناؤنا هم هدفهم، هذا هو مخططهم، فجميع الأبواب مغلقة أمامهم.

وبدؤوا من هنا.. المنهج والفكر أهم السبل لتغيير ما يُكتب ويُناقش ويُنقل. اختُلِقت المسميات.. والمعاهد كانت إحداها، والدورات التخصصية من بعدها، ويشرف عليها أساتذة هم بناةُ حجر الأساس. المنهج يشرح تاريخ أميركا الحديث، وكلمة الملك آرثر عن التغيير، وخارطة أوروبا والأميركتين.. فكل الحضارة هي غربية ليست عربية.

غيروا التربية الوطنية بالعلوم الاجتماعية وباللغة الإنجليزية فسموها Social Studies.. أول الخطوات التي يتم من خلالها محو هوية الارتباط بالتاريخ وباللغة والدين. بعدها يعبرون إلى التعليم الجامعي، الذي يعتبرونه مرحلة دقيقة للتوجيه وغرس الأفكار. فيأتي الأستاذ يطرح، وتأتي المعاهد بالدورات والخبرات لغرسها. وبعدها تبدأ الزيارات لاختيار الأنسب لتكملة المشوار.

جيل يتعلم ويتربى على ما يريدون ليستطيعوا الدخول، يجب أن يُربى جيلٌ لا يعرف كيف بني وطنه في بضع سنين ويقارع به أعمال مئات السنين، ولا يعرف كيف كان زمن الشقاء والجوع. يصورون لهم أن العالم كله يأتي بعلمه من الغرب، وتاريخه من الغرب، وانتماؤه للغرب، بعدها سوف تُفتحُ الأبواب كلها. يصرخون فرحاً.. لا يوجد بابٌ مغلق، فجيل العرب تعلم منهجنا وتأسس على فكرنا وعشق تاريخنا، فكيف سيخالف أفكارنا!

هذا المنهج الجديد وبفكرٍ حديث، دخل حيز التنفيذ وبدأ تطبيقه على هذا الجيل، ولكنهم ينتظرون نتائجه ولو بعد حين.

ونحن على يقين بأن كل أحلامهم وآمالهم وخططهم، ستتحطم بوجود مدرسة لا يمكنهم تغيير منهجها.

لقد درستُ التربية الإسلامية واللغة العربية والأحياء والجغرافيا والتاريخ والتربية الوطنية والفيزياء والكيمياء والجيولوجيا والتربية الرياضية والتربية الفنية واللغة الإنجليزية، وهذه المصطلحات للتذكير خوفاً من أنها سوف تنقرضُ عن قريب. نعم، يجب أن نتعلم ونتعلم.. ولكن لا يمكن أن نتعلم أي أمرٍ إذا لم يكن لنا علم نُعلمهُ ونتعلمُ منه.

Email