الطائرة الماليزية و«طاقية الإخفاء»

ت + ت - الحجم الطبيعي

انشغل العالم على مدى أسبوع كامل بواحدة من أكثر القصص غموضاً ودراميةً، فقد اختفت طائرة الخطوط الجوية الماليزية قبل أسبوع، ولم تتمكَّن كل وسائل البحث والرصد الأكثر تطوراً من العثور على دليل يحدد مصيرها..

المعلومة الوحيدة المؤكدة تقضي بأن الطائرة انقطع الاتصال بها دون أي مقدمات، وهو أمر غير مألوف في حوادث الطائرات..

لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل ازداد غموضاً بعدم العثور على أي شيء يدل على أن الطائرة تعرَّضت لحادث، شاهده بقاياها وما تحمله من بشر وأمتعة.

الطائرة المختفية من طراز بيونغ 777، وتعتبر واحدة من أكثر الطائرات اعتمادية وكفاءة وتطوراً في عالم الطيران، لكنها كأي تكنولوجيا مُخاتلة يمكنها أن تتعرض لحادث، سواء كانت على مرمى حجر من مدرج الهبوط، أو على بعد أمتار من الإقلاع.

لكن سقوطها الافتراضي المتهاوي من علياء ارتفاعها الشاهق، أمر يستبعده العليمون بأسرار الطيران، ذلك أن الاتصال بها انقطع وهي على ارتفاع 35 ألف قدم، ويعرف خبراء الطيران أن مثل هذا الارتفاع يمثل أفضل مساحة لضمان طيران آمن ومتزن، إن لم يكن هناك أمر خارق للعادة.

ويعتقدون جازمين أن أي طارئ غير مألوف سيترك شاهداً عليه، وأن الطائرة لن تخبو وتتبخر كما لو أنها سراب ينتمي إلى عالم التجريد لا التجسيم.

اجتهد البعض اتساقاً مع بورصة المعلومات المجانية، وقالوا باحتمال أن تكون قد تعرضت لعمل إرهابي، لكنهم لم يحددوا نوع ونتائج ذلك العمل، وقال آخرون إن حالة سيكوباتية قد تكون انتابت الطاقم، وربما الركاب، لكنهم لم يفسروا علاقة مثل هذه الحالة باختفاء الطائرة.

وبعد حين انبرت العبقرية الأميركية لتقول إن محركات البوينغ المفقودة كانت على اتصال بمركز تصنيعها، وأنها أشارت لتحليق طويل استمر خمس ساعات بعد انقطاع الاتصال مع أبراج المتابعة للطائرات المحلقة! وأضاف آخر أنها كانت سبع ساعات من التحليق الحر، وأكمل الثالث بأن الطائرة غيَّرت مسارها نحو العاصمة الصينية بكين، لتتجه جنوباً نحو المحيط الهندي وتختفي هناك.. لكن لا تفسير للاختفاء، ولا أثر للطائرة ومن على متنها من بشر ومواد!

بناءً على المعلومات السابقة والمستقاة من بورصة الأخبار المتناقضة، يحق لنا أن نفترض سيناريوهات أغرب مما سبق، وأكثر ميلاً إلى الفانتازيا المفتوحة على الخيال الجامح..

وعليه لا بأس من الاستطراد وسرد قصة جديدة، ملخصها أن جهة ما لجأت إلى استسهال توظيف تجربة علمية جهنمية تستقيم على تكنولوجيا النانو، وهي تكنولوجيا مستقبلية تشترط إكراهات جهنمية للتأكد من جدواها، كتلك التي فعلها الأميركان بتجربة قنبلتي هيروشيما وناغازاكي الذريتين، رغم معرفتهم المسبقة بالخسارة العسكرية الوشيكة لليابان.

وفي حالتنا هذه يتم التجريب على قاعدة التضحية بالطائرة ومن عليها وما عليها، ويتلخَّص التجريب في استخدام تقنية الإخفاء النانوي، الذي يذكرنا بالفرضية الخيالية للعلامة داوود الأنطاكي صاحب كتاب "تذكرة الأنطاكي"، والذي تحدث فيه عن "طاقية الإخفاء" التي تمنح الفرد إمكانية الاختفاء عن عيون الآخرين وهو يتجول بين ظهرانيهم!.. يومها اعتمد عالم الأفلاك والنباتات والطب، داوود الأنطاكي، على توليفة خيميائية اعتبرت لاحقاً في عداد الخرافة، لكنها اليوم تتحول إلى إمكانية واردة اعتماداً على تكنولوجيا النانو.

تتداول المواقع العلمية في الشبكة العنكبوتية، بعض التجارب التي ترينا إمكانية إخفاء المواد المُجسَّمة عبر استخدام تكنولوجيا النانو، لكن السؤال الملح هو: لماذا سيخفون طائرة بركابها؟ وهل يمكن للعقل الشرير أن يصل في مدى خياله المجرم حد إجراء تجارب من هذا النمط؟!

بهذه الفرضية الغرائبية سنصل إلى سيناريو محكوم بتجربة سرية جهنمية، تؤدي في المحصلة إلى امتلاك ناصية طاقية الإخفاء، ولكن على حساب التضحية بمن شاءت أقدارهم السيئة أن يكونوا الضحية، تماماً كما تمت التضحية قبل حين بسيئي الحظ في أبراج التجارة.

وذلك بحسب بعض السيناريوهات التفسيرية للحدث الزلزالي، الذي منح أُمراء الحرب الكونيين فرصة الذهاب بعيداً في نظرية الفوضى الخلاقة، والمبادأة العسكرية الكبرى للجمهوريين الجدد، بحيث أصبح الحدث ترجماناً للفعل اللاحق وتمهيداً له.

وإذا ما ذهبنا بعيداً في الخيال واستنطقنا نظريات المؤامرة في العالم، وكيف أن بعض مهندسي السيناريوهات المريبة لا يتورعون عن استخدام كل الوسائل لتحقيق مآرب محددة، وبأي ثمن، سنكتشف أن المسافة بين الأخلاقي والإجرامي تتقلَّص أحياناً، كما تتقلص المسافة بين العلم المجرد والتدمير المؤكد، بل إن صانعي الإجرام والتدمير يجدون المسوغات العلمية البراغماتية والتبريرات الفلسفية التنظيرية.

يحدث هذا على وجه أكثر وضوحاً في بورصة الأمراض الوبائية التي يتم تحويلها إلى فزاعات كونية، وذلك لزوم إنعاش بورصة البيع الكمي الكبير لهذا الدواء أو ذاك.

 حدث ذلك أثناء الترويج للقاح إنفلونزا الطيور، الذي بيعت منه كميات بمليارات الدولارات، لكن تلك الكميات تحوَّلت بعد حين إلى مجرد أكوام مكدسة في مخازن وزارات الصحة في العالم. وأذكر بهذه المناسبة أن أحد وزراء الصحة في دولة عربية محدودة الدخل، قال لي إنهم استوردوا من هذا اللقاح ما قيمته 30 مليون دولار، لكنها الآن تحولت إلى مجرد علب قابعة في مخازن الوزارة.

بعض المتفائلين بمصير الطائرة يتحدثون عن الدولة الخاطفة، ويفترضون أن دولة كبرى قد تكون منخرطة في هذا الاختطاف! بهذا المعنى ينفتح باب جديد لمفهوم الاختطاف، وتنشأ مبررات ما فوق إرهابية، لتفسير هذه التضحية العجيبة بمصائر بشرية قادتها الصدفة العاثرة إلى السفر جواً.

لكن هذا التفاؤل يتحطَّم بمجرد معرفة أن الدولة الافتراضية الخاطفة، لا يمكنها التسليم بإظهار الحقيقة المجردة وإشهار الإدانة الذاتية ضد خيارها، وهكذا نعود إلى نقطة الصفر، ليبقى الأمل منوطاً بتوسيع دائرة البحث عن الطائرة المفقودة، وذلك بحسب تصريحات رئيس دولة الطائرة، الرئيس الأميركي باراك أوباما.

أكتب هذا الكلام الذي ينتمي لمعقول اللامعقول، وكل العالم ينتظر تفسيراً مقنعاً لاختفاء الطائرة الأميركية، المملوكة للخطوط الجوية الماليزية، وما أتمناه شخصياً هو أن يكون كلامي السابق مجرد لغو، يندثر حالما يتم العثور على الطائرة ومن عليها وما عليها..

 

Email