المركزي الأوروبي ومخاطر الانكماش

ت + ت - الحجم الطبيعي

شهدت الأشهر القليلة الماضية إصدار عديد من المؤسسات المالية العالمية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تحذيرات من الانكماش الاقتصادي إلا أن البنك المركزي الأوروبي لم يتجاهلها فقط بل قرر عدم اتخاذ إجراء لمواجهة المخاطر المحتملة، ونحن نعتقد أن خيارات المركزي الأوروبي أصبحت الآن محدودة.

قد تكون الدعوات لمزيد من الخفض في معدلات الفائدة، التي تصل في الواقع اليوم إلى 0.25%، عديمة الفائدة في رأيهم، ونحن نرى أن المركزي الأوروبي شعر في الآونة الأخيرة ببعض الراحة بفضل بعض المؤشرات الإيجابية أو المشجعة التي تدل على أن اقتصاد منطقة اليورو في تحسّن. إننا نتساءل في بعض الأحيان عما إذا كان الدليل التشغيلي للمركزي الأوروبي يتضمن إرشادات حول كيفية محاربة مخاطر الانكماش.

إن معظم البنوك المركزية حول العالم تتمتع بالوسائل اللازمة للتعامل مع التضخم، ولكنها قد لا تتمتع بتلك الوسائل التي تحتاجها لمواجهة شبح الانكماش أو منعه. لقد أثبت المركزي الأوروبي قدراته وقوته خلال العامين الماضيين على منع تفكك اليورو، ولكن هل يتمتع بنفس القدرات لمواجهة خطر الانكماش المحتمل.

وقد واصل اليورو على خلفية إصرار المركزي الأوروبي على أن منطقة اليورو ليست معرّضة للانكماش ارتفاعه مقابل الدولار الأمريكي والين الياباني، الأمر الذي قد يسرّع التهديد بوقوع الاقتصاد الأوروبي في فخ الانكماش.

وإذا نظرنا إلى الصورة الأكبر يمكننا أن نرى وجود اتجاه تنازلي واضح في معدلات التضخم، ومن الواضح أيضاً أن النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل في مستويات منخفضة جداً وخطيرة.

وإذا واصلت معدلات التضخم التراجع أو على الأقل لم ترتفع خلال الأشهر المقبلة فما هي الخيارات الأخرى التي ستكون متاحة أمام المركزي الأوروبي؟ إننا نعتقد أن هذه الخيارات محدودة جداً ولكنها ليست مستحيلة، كما أن المركزي الأوروبي يعمل على حزمة إجراءات تحفيزية لمواجهة احتمال تحول شبح الانكماش إلى خطر حقيقي، وقد تكون إعادة رسملة البنوك هي نقطة الانطلاق.

لهذه الخيارات تأثير محدود على التضخم والانتعاش الاقتصادي، وبشكل عام تعتبر الأدوات أو الخيارات المتاحة للمركزي الأوروبي غير مناسبة أو مفيدة لدفع معدلات التضخم للارتفاع في البلدان التي تعاني من أوضاع اقتصادية صعبة. ويبقى من الأجدى اعتماد هذه الإجراءات بدل الانتظار والقيام بردة فعل عندما يواجه أزمة أكبر بكثير.

Email