مَن يُنعش قانون المعاشات؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

للموظفين في أي مكان أهداف وحاجات وطموحات ومسؤوليات تُحرّك عزيمتهم وتقويها، وكما قيل فإن الطموح هو الطريق إلى النجاح. لكن ماذا يحدث عندما تشعر بأن وظيفتك لا تلبّي طموحاتك وحاجاتك ولا تحقق أحلامك، وبأنها لا تطوّر مهاراتك ومعارفك؟ وماذا يحدث عندما تصاب بالإحباط نظراً لعدم حصولك على أي تقدير، وعدم ملاءمة الوظيفة لمواهبك أو قدراتك العلمية وميولك العملية؟

الأمر الطبيعي أن تعمل على تغيير هذه الوظيفة وتستبدل بها وظيفة أخرى، تحقق لك الطموحات التي تتمناها وتؤمّن لك حاجاتك وحاجات أسرتك الأساسية. لكن ثمّة حجر عثرة يقف في طريق انتقال الموظفين المواطنين بين الدوائر والهيئات الحكومية، وتوفير فرص وظيفية أفضل ويعيق طموحهم، وكذلك عمل المتقاعدين المواطنين، وهو نظام "ضم الخدمة"، حيث إن كل موظف ينتقل من عمل إلى عمل آخر، ويرغب في ضم مدد خدمته السابقة التي قضاها في وظيفته أو وظائفه السابقة، يجب عليه دفع تكلفة ضم الخدمة، التي تشمل "راتب حساب الاشتراك ويشمل الراتب الأساسي الحالي مضافاً إليه علاوات المعيشة والسكن والأبناء - من تاريخ طلب الضم في الخدمة الجديدة، مضروبة في المدة المراد ضمها (بالشهور) في %20"!

إن الحديث عن نظام ضم الخدمة ليس حديثاً جديداً، وهو هنا ليس حديث نقد وليس مردّه مصلحة شخصية، وإنما هدفه تسليط الضوء من جديد على نظام يحتاج إلى نظرة موضوعية، وإلى تعديل جوهري يحقق المصلحة العامة، فهناك شكاوى كثيرة جداً تُسجّل عليه.

وأذكر هنا أنني كنت أحضر ورشة عمل حول "قانون المعاشات والتأمينات الاجتماعية الاتحادي"، نظّمها الاتحاد النسائي العام في إطار مشروع "اعرفي حقوقك"، الذي يهدف إلى توعية المرأة بالقوانين والتشريعات المحلية والاتحادية، تنفيذاً للاستراتيجية الوطنية لتقدّم المرأة التي دشنتها سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة..

بهدف نشر الوعي العام بالحقوق التي كفلها دستور دولة الإمارات العربية المتحدة وقوانينها للمرأة، ومن ثم تعزيز قدرة النساء على الدفاع عن حقوقهن القانونية. وقد تعرّض "قانون المعاشات والتأمينات الاجتماعية الاتحادي" في الورشة المذكورة، لانتقادات كثيرة جداً من عيّنة الموظفات الحاضرات، ولا سيّما نظام "ضم الخدمة"، وساد القاعة الكثير من الهرج والمرج والاحتجاج على هذا النظام، ولا سيّما عندما تساءلت إحداهن عن الحل، وكالعادة جاءت الإجابة الشهيرة "الموضوع على طاولة النقاش"!

فهل قانون المعاشات والتأمينات الاجتماعية في غرفة الإنعاش؟ نعم، إنه بحاجة إلى إنعاش على أيدي متخصصين يلامسون بشكل واقعي هموم المواطنين الذين يعانون هذا الأمر، في إطار هدف واحد سامٍ هو تأكيد هويتنا ووحدتنا وسعادتنا، وبما يواكب الاستمرار في تطوير منظومة الخدمات الحكومية في ظل القيادة الرشيدة.

ومع تقديرنا للإنجازات الملموسة التي تقوم بها الهيئة العامة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية، في سبيل مدّ المظلة التأمينية على الكوادر الوطنية العاملة في الوزارات والهيئات والمؤسسات الاتحادية، وكذلك الدوائر الحكومية والشركات الخاصة كافة، وللجهود التي تقوم بها الهيئة في تسهيل انتقال المشتركين وضم خدمتهم، من خلال تقسيط تكاليف ضم مدد خدمة سابقة، أو شراء مدد خدمة اعتبارية، بالتقسيط، بعد ما يتم سداد 50% من التكلفة مقدماً، مع الإبقاء على إمكانية أن يتم سداد تكاليف أي من هذه الخدمات دفعة واحدة، إلا أن المشكلة لا تكمن في عملية تقسيط المبلغ..

وإنما تكمن في عدم القدرة على سداد هذا المبلغ، حيث إن المبلغ المطلوب لضم الخدمة دائماً ما يكون مبالغاً فيه، ويُشكّل عبئاً مالياً على المشتركين، ما يُرتب عليهم الدخول في دوّامة من القروض وغيرها، ويؤدي بالتالي إلى عدم استقرار الأسر المواطنة معيشياً، واضطرارها إلى تحمّل تكاليف مالية كبيرة لإتمام عملية الضم. والنتيجة في النهاية عدم الاستفادة الحقيقية من الانتقال إلى الوظيفة الجديدة والراتب الأعلى، "وكأنك يابو زيد ما غزيت"!

إن دولتنا لا تألو جهداً في تأمين سبل العيش الكريم لنا، وهذا الأمر لا يعدّ غريباً على قيادتنا الرشيدة التي وفرت لنا الدعم المتواصل في كل مناحي الحياة، وكما قال الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، في كلمته في الدورة الثانية للقمة الحكومية في دبي، مؤخراً: إن دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تسعى إلى عكس مقولة "إرضاء الناس غاية لا تدرك"، وتحقيق السعادة والرضا التام، وانطلاقاً من هذا التوجه لقادتنا الكرام، كان لزاماً علينا كمواطنين أن نساهم في عرض هذه الصور لمساعدتهم على تحقيق غايتهم وهي أن نكون دوماً بإذن الله"أسعد شعب" في العالم.

حفظ الله شيوخنا، وأدام علينا النعم..

 

Email