هداف العصر

ت + ت - الحجم الطبيعي

لاعب جديد برز في نادي الصحة والمرض، استطاع في فترة وجيزة منافسة الكولسترول والدهون في مواقعها القيادية، تمكن من التهديف في مرمى المرض، مزيلاً ميسي ورونالدو عن عرشيهما!

الكربوهيدرات هي عبارة عن مركبات تحتوي على عناصر الكربون والهيدروجين والأوكسجين، لكن في الآونة الأخيرة كثر الحديث عن مضارها وآثارها السلبية، لكن قبل كل هذا، دعونا نتعرف إلى هذا القادم الجديد.

خلق الله عز وجل هذا الكون، ووضع فيه الكثير من المنافع لبني البشر التي لا تعد ولا تحصى. إحدى المنافع الرئيسة لاستمرار الحياة، هي الكربوهيدرات بنوعيها: البسيطة والمعقدة. اللطيف في الأمر أن هناك أطعمة تحتوي على النوع البسيط فقط، وأطعمة أخرى تحتوي على النوع المعقد فقط، وأطعمة تحتوي على النوعين معاً. ولتقريب الصورة سأضرب مثالاً على كل منها، والأثر الصحي لذلك على أجسامنا.

من أشهر الأطعمة التي تحتوي على الكربوهيدرات البسيطة فقط، الكيك وسكر الطاولة والحلويات والمشروبات الغازية (مشروبات الكولا في دور السينما تحتوي على 22 ملعقة سكر!). عند تناولنا هذه الأصناف، تنطلق جزيئات الغلوكوز الكامنة داخلها بسرعة الصاروخ إلى مجرى الدم، والنتيجة حدوث حالة طوارئ داخل الجسم. من جانب يفرز الجسم الأنسولين للتحكم في كميات الغلوكوز...

ومن جانب آخر يتم تخزين الفائض من الغلوكوز في العضلات والكبد. كل هذا يحدث في ساعة أو ساعتين، فما يلبث أن يشعر بعدها الشخص بالجوع، وينقض مرة أخرى على صحن الحلويات.. وهكذا دواليك.

وبما أن الجسم لديه طاقة تخزين محدودة، فإنه يقوم بتحويل الغلوكوز إلى دهون، وهنا بيت القصيد. تتكدس الدهون ويبدأ الوزن في الزيادة والسمنة في الظهور، وأمراض السكري والضغط في الانطلاق! أما الكربوهيدرات المعقدة فهي موجودة في الخضراوات والعدس والخبز الأسمر.

في هذا السيناريو، وعند تناول أحدنا هذه الأطعمة، تتحرك جزيئات الغلوكوز التي في داخلها إلى مجرى الدم ببطء وهدوء، ومن ثم يكون إفراز الأنسولين بهدوء، ويستطيع الجسم تخزين الفائض بفعالية دون تحويله إلى دهون. وأخيراً، الأطعمة التي تحتوي على الكربوهيدرات البسيطة والمعقدة مع بعض، وأهم فئة هنا هي الفواكه بأنواعها المختلفة.

ففي داخل كل فاكهة هناك السكر الطبيعي (الكربوهيدرات البسيطة)، وهناك الألياف والقشرة (الكربوهيدرات المعقدة). التناغم والتوازن بين كمية السكر والألياف، يجعل من الفاكهة ملاذاً آمناً للغلوكوز الذي بدوره يصل إلى مجرى الدم بكل أريحية، مانعاً من حدوث تكتلات دهنية أو ترهلات بطنية. وفي الوقت نفسه تقوم الألياف بتنظيف الأمعاء من الشوائب، لتقليل فرص الإصابة بسرطانات الجهاز الهضمي.

إذاً، لماذا كل هذا الهجوم على الكربوهيدرات؟ السبب أن غالبية أطباقنا أصبحت تحتوي على الكربوهيدرات البسيطة فقط، وبالخصوص الصناعية منها. العصائر محلاة صناعياً، المعجنات محلاة صناعياً، وجبات الإفطار الصباحية محلاة صناعياً؛ من خبز أبيض إلى مربى أحمر. انظر إلى قوائم مكونات الطعام في الجمعية، ستجد الكلمات السحرية من الفركتوز والسكروز والألوان الصناعية.

التفت إلى ولائم الطعام في الأعراس وأعياد الميلاد، تابع عزائم الترقية والمولود الجديد في أماكن العمل، وطبعاً ابحث عن الكب كيك في الإنستغرام! التحدي ليس في كونها السبب الرئيس لزيادة الوزن والسمنة، بل في الإدمان عليها. دراسات كثيرة وجدت دور السكريات الصناعية في إفراز الدماغ لمواد تعطي الإحساس باللذة والنشوة، وهذا يفسر سبب عدم تحملنا لإغراء الأحمر والأصفر منها.

إذاً، هل نتوقف عن الأكل؟ مشكلة الأطباء أنهم يمنعون هذا وذاك.. في الأول الكوليسترول والدهون، والآن السكريات! الموضوع شائك ومعقد، لكن المعرفة نصف الحل. أحد الحلول المبدئية هو محاولة استبدال كل ما هو أبيض بالأسمر. حل آخر، وهو جعل أي طعام يحتوي على الألياف جزءاً لا يتجزأ من الوجبة. الميزة الرائعة في الألياف هي كبح جماح سرعة جزيئات الغلوكوز حتى تصل إلى مجرى الدم بهدوء، مانعة من حدوث حالة الطوارئ التي ذكرناها في الجسم وتبعاتها التدميرية.

أما أفضل الحلول فهو تعلم كل واحد منا حراسة المرمى، حتى نمنع السكر من التهديف، ونعيد لقب الكرة الذهبية إلى صاحبه!

 

Email