جاهزون للوطن ومن أجل الوطن

ت + ت - الحجم الطبيعي

نستيقظ كل صباح محاطين بكثير من النعم، نعمة الإمارات، ونعمة القيادة الرشيدة، ونعمة الاستقرار الأمني والاقتصادي، وغيرها من النعم التي لا تعد ولا تحصى.. أختصرها بجملة نعمة كوننا إماراتيين، نسمّى بشعب زايد الخير رحمه الله.

وكثير منا يغفل عن أهمية هذه النعم العظيمة، لأنه اعتاد عليها ولا يقدّرها سوى من فقدها في بلده، والذي يتبعها بجملة "يا وفير حظكم على ما أنتم فيه، وربي يرحم الشيخ زايد الذي جعل المستحيل ممكناً".

وضع والدنا المؤسس الشيخ زايد وإخوته رحمهم الله، الأساسات التي ينطلق منها كيان الدولة، وزرعوا بذرة الاتحاد ومن ثم أتبعوها بعمل مضنٍ، لنصل إلى ما نحن عليه اليوم من تطور وتفوق في مجالات كثيرة. وعندما استؤمن على الوطن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد، حفظه الله، قام بمواصلة العمل بروح الاتحاد، فأصبحت للدولة بصمة واضحة في خارطة العالم.

إن حماية كيان الاتحاد واجب وطني، يقع على عاتق كل إماراتي صادق محب للدولة. فللوطن حق علينا لكل ما يقدمه لنا ولكل ما يوفره من امتيازات وفرص. قال الشيخ زايد بن سلطان، رحمه الله، "إن الدفاع عن الاتحاد فرض مقدس على كل مواطن، وأداء الخدمة العسكرية شرف".. وصدق مؤسس الدولة، فلا أعظم من خدمة الوطن وحماية مصالحه وحدوده والدفاع عنه. وعندما أعلن مجلس الوزراء عن إعادة الخدمة الوطنية والاحتياطية الإلزامية على فئة الشباب، تقبل الجميع الخبر بفرحة وأبدى الكثيرون استعدادهم للانضمام إلى النخبة، ليكونوا خط الدفاع عن الدولة.

الخدمة الوطنية لها فوائد جمة، حيث إنها ستعيد إلى الجيل الجديد مفهوم الانضباط والجدية الذي تسلل بعيداً عن مجموعة كبيرة منهم، وستكون لهم أساساً لتقويم شخصيات البعض منهم وإعادتهم إلى الطريق الصحيح. الخدمة الوطنية مهمة لأنها ستجعل الشباب يعيدون النظر في أولوياتهم وترتيب حياتهم، وستكون عاملاً مهماً في تعزيز الوحدة وتقوية أواصر الانسجام بين الأفراد في المجتمع، وستساهم في صقل شخصياتهم وتعزز جاهزيتهم لدرء أية مخاطر قد تواجههم مستقبلاً.

لقد شهدنا في الفترة الماضية تغير حالة واقع الشباب في الدولة، ولا يغيب ذلك عمن يتابع حالتهم عن قرب، ففقد البعض أهم معاني القيم والأخلاق، واكتسب بعضهم عادات دخيلة على المجتمع الإماراتي ودمغوا بصفات غريبة عنا، فأصبحوا غير مبالين ومقصرين في واجباتهم نحو الوطن ونحو المجتمع ونحو أسرهم أيضاً، ناهيك عن الانحلال الأخلاقي الذي نراه في سلوكيات بعضهم، لذا وجب التدخل، فهذه الفترة ستكون مصيرية في حياتهم، لما سيكتسبونه من وعي وإدراك وصفات حميدة. التجنيد سيصقل ويقّوم شخصيات الشباب، لأنهم هم عماد الوطن وعدته وعتاده.

أبدى بعض أولياء الأمور تحفظهم من الخدمة الوطنية، وكان بعض ما يقلقهم ينصب حول الأشهر التسعة التي أقرها مجلس الوزراء، والتي تمتد إلى سنتين لمن لم يكمل تعليمه الثانوي، فقال لي البعض إنهم يرون أن المدة المطروحة قد تتسبب في تأخر التحصيل الجامعي لأبنائهم، أو إنهم بعد فترة الخدمة هذه سيتقاعسون عن إتمام المرحلة الجامعية.. أتفهم قلقهم ولا أتفق معهم، لأن القرار لم يناقش بعد آلية التطبيق ولا حيثياته. وكما عودتنا حكومتنا الكريمة، فهي تنصت إلى آراء واقتراحات شعبها، والقانون لم ينحت على حجر.

الاقتراح الذي أود تقديمه في شأن من سيتم الخدمة العسكرية في تسعة أشهر، هو أن يفتح الباب لمن هم دون الثامنة عشرة، ويتم إنشاء برنامج ينقسم إلى أربع مراحل بواقع ستة أسابيع لكل مرحلة، وأن يتم انخراط الشباب في الخدمة العسكرية من الصف العاشر، بداية في كل صيف لمدة ستة أسابيع حتى يتخرجوا في الثانوية، ومن ثم يتمون الأسابيع الستة الباقية قبيل انضمامهم إلى جامعاتهم أو كلياتهم.

يقول المعادون لسياسة دولة الإمارات إن الخدمة الوطنية (الإلزامية) هي تجريد لحريات الأشخاص وسلب لحقوقهم، وأود أن أرد عليهم بقول إنهم ماضون لتمارين عسكرية وتدريبات أمنية، وليس لخوض حرب. التجريد والسلب يكونان إذا أرسلتهم إلى معترك الحرب غصباً، وأود أن أسألهم: إن كان الشباب غير مستعدين لحمل السلاح ولتعلم أساسيات الدفاع فكيف سيقومون بحماية الوطن؟ أم تريدونهم أن يهرعوا كالجبناء هاربين إلى دول أخرى في انتظار أن يتم إسعاف دولتهم بقوات الأمن الدولية حين يقفون في مرتع المتفرجين ومصيرهم معلق بما تقرره الدول المعنية؟ لا وألف لا، نحن هنا لنكون درع الوطن الحصين.

نظام التجنيد أو الخدمة الوطنية مطبق في معظم الدول، حتى تلك التي تملك قدرات عسكرية مذهلة. فإلزامية الخدمة العسكرية لم تكن لدواعٍ أمنية فقط، بل هي أكثر من ذلك، لأن لها تبعات اجتماعية ووطنية. ولذا من حق الدولة أن تقوم بتجهيز مواطنيها، حتى وإن كان يسودها اليوم الأمن والاستقرار.

لا أزال أذكر تلك الفترة الصعبة من حرب تحرير الكويت، حين شاهدت نداء على التلفاز موجهاً لكل شباب الإمارات، ولا تزال صورة ذلك الشاب عالقة بذهني وهو بكل شموخ يحمل سلاحه ويقول: "أنا جاهز، إنت جاهز؟". النداء شهد آلاف الشباب يتجهون إلى التسجيل طواعية ليقوموا بواجبهم الوطني، وشهد الكثيرين الذين تم إرجاعهم لصغر سنهم.. الكل أراد أن يكون جزءاً من هذا الشرف العظيم.

الخدمة الوطنية تعني الجاهزية لمواجهة المخاطر، وفي حالات الطوارئ لا سمح الله. الوطن بحاجة لرجاله الذين سيذودون عنه بكل غالٍ ونفيس، لحمايته ولمواجهة كل من يحاول الاعتداء على سيادة البلد أو سلب الاستقرار الذي ننعم به..

نحن سواعد الوطن، ونحن أبناء زايد، ونعاهد على أن نحمي الإمارات وعلمها واستقلالها بوفاء، ونعمل على الدفاع عن مكتسبات الوطن بولاء، وأن نظل مخلصين للقيادة مسخرين أنفسنا وأبناءنا لخدمة الوطن.

Email