اليمن والانضمام لمنظمة التجارة العالمية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يجابه العديد من الدول، وخاصة الأقل نمواً، تحديات عديدة تترتب على انضمامها لاتفاقية التجارة العالمية (الغات)، وخاصة في الإيفاء بمتطلبات إجراءات التسهيلات التجارية.

ومن هذه الدول الأقل نمواً على الصعيد العربي، الجمهورية اليمنية التي وقعت على اتفاقيه التجارة الدولية عام 1999، ولم يتم إعلان انضمامها رسمياً إلا في الاجتماع الوزاري الذي انعقد في جزيرة بالي الإندونيسية أواخر العام 2013، بعد استيفائها للشروط المطلوبة لذلك.

فقد استغرق الأمر من اليمن سنوات طويلة، وكانت أوكرانيا إحدى آخر الدول التي أسقطت اعتراضها، حيث كانت تطالب بتخفيض التعرفة الجمركية لصادراتها من القمح والحديد إلى اليمن.

ويتابع المختصون في التجارة العالمية، الآثار الاقتصادية على الجمهورية اليمنية في ظل إعلان انضمامها إلى معاهدة التجارة العالمية. ويتطلب ذلك فهماً أعمق لنشأة "الغات"، ومتابعة دقيقة لمؤشرات الاقتصاد اليمني وتدابير الإصلاح الحكومي، والإجراءات الأكثر حزماً المطلوبة في التزام الدولة تجاه حقوق الملكية الفكرية.

كما يستوجب الأمر رفع مستوى الوعي لدى الهيئات الحكومية ذات العلاقة ورجال الأعمال اليمنيين، لهذه المرحلة، وفق ما تؤكد عليه الغرفة التجارية اليمنية، وهو ما يتطلب جهوداً مضاعفة على هذا الصعيد، بما فيها أهمية إدراك رجال الأعمال اليمنيين لإمكانية اندماج مؤسساتهم مع مؤسسات تجارية إقليمية وعالمية.

لقد كانت معدلات النمو الاقتصادي اليمني عام 2005 حوالي 5%، ورغم ظروف المرحلة الانتقالية التي يمر بها اليمن، فقد بلغت تقديرات مؤسسات مالية عالمية لمعدلات النمو الاقتصادي للبلاد عام 2013 حوالي 6%، إلا أن الإحصائيات المحلية تشير إلى تراجع في الحصول على الكهرباء والوقود وفي تراخيص البناء، مما يؤثر على المؤشرات التنافسية للاقتصاد اليمني.

والجمهورية اليمنية مستوردة لمعظم السلع، إذ إن المواد الغذائية تشكل 90% من وارداتها، في حين أن الصادرات اليمنية تتركز في النفط والغاز، في ظل ضعف القاعدة الإنتاجية للبلاد التي ما زالت بحاجة لتقويتها، وخاصة في مجال الزراعة والثروة السمكية والخدمات بما فيها الخدمات السياحية.

إن كون اليمن يأتي في التصنيف العالمي ضمن الدول الأقل نمواً، يمكنه من أن يستفيد من الحصص المعفية من التعرفة الجمركية، وخاصة لمنتجاته الزراعية بما فيها منتجاته القطنية التي تعتبر من أجود الأنواع العالمية (القطن طويل التيلة).

وإن كانت هذه المسألة ما زالت تنتظر بلورتها من خلال جولة الدوحة للمباحثات التجارية العالمية، والتي رغم أنها استغرقت أكثر من عقد من الزمن، يؤمل أن تتنشط في ظل المخرجات الإيجابية لاجتماع وزراء التجارة الأخير في جزيرة بالي.

وبمنح الدول الأقل نمواً أفضلية التعاون في منتجاتها الزراعية، حيث إن اليمن لن يستفيد فقط على مستوى منتجاته القطنية، بل يمكن أن يشمل ذلك منتجات زراعية أخرى، مثل البن الذي اشتهر به اليمن تاريخياً وكذلك منتجات الثروة السمكية.

ولعلها مصادفة إيجابية أن يأتي استيفاء اليمن لمتطلبات منظمة التجارة العالمية وانضمامه إليها، والبلاد على مشارف الانتهاء من المرحلة الانتقالية على أساس المبادرة الخليجية، والتي باستكمال تحقيق بنودها ستفتح عهداً جديداً يؤمل أن يمكن اليمن من تعزيز الصادرات والقدرة التنافسية لمنتجاته.

وخاصة الزراعية، إذا ما تحقق التوجه الجاد نحو الزراعة الحديثة في ظل توافر القوى البشرية ورخص الأيدي العاملة، مما سيعزز البيئة التنافسية ويساعد المنتجات الزراعية اليمنية وغيرها على الوصول إلى الأسواق الإقليمية والعالمية.

وجذب الاستثمارات من خلال الإعفاءات الضريبية، وما تقتضيه عضويتها في منظمة التجارة العالمية من تقارب نظمها مع الدول الأخرى على مستوى المعاملات الجمركية، وتذليل الإجراءات الإدارية في المنافذ الحدودية للدولة، مثل استكمال الإجراءات عبر النافذة الموحدة.

إن التحديات الاقتصادية كبيرة أمام اليمن في ظل انضمامه لمنظمة التجارة العالمية، وبقدر ما أثبت رجال الأعمال اليمنيون جدارتهم في الماضي، فإنهم سيحتاجون في العهد الجديد للدولة اليمنية، إلى التعاون الأوثق مع الحكومة للمتابعه الحثيثة مع سائر الدول النامية، في الدفاع عن حقها في دعم صغار المزارعين في جزء من قيمة المنتج الزراعي.

كما سيتطلب الأمر من الحكومة اليمنية بلورة سياسات تقدم من خلالها خدمات أوسع في إطار تحقيق الأمن الغذائي لليمن.

 

Email