المنحنى التصاعدي للأسواق (2-2)

ت + ت - الحجم الطبيعي

إننا نعيش فترة من التاريخ تحتاج فيه الأنظمة الرأسمالية الحرة، أكثر من أي وقت مضى، لأن تكون أسواق الأسهم في وضع جيد وفي نسق تصاعدي. لقد كان الاحتياطي الفدرالي الأميركي هو الذي بدأ هذا السوق التصاعدي بفضل سياسات التيسير الكمّي المذهلة التي اعتمدها وبرنامجه الشهري الضخم لشراء السندات.

ولم يكتف بنك اليابان المركزي مع وصول رئيس الوزراء شينزو آبي إلى الحكم باستنساخ سياسات الفدرالي الأميركي بل اعتمد سياسات مالية ذات حجم أكبر. ونحن نتساءل عما إذا كان العام المقبل سيشهد إعلان البنك المركزي الأوروبي عن اتخاذ تدابير مماثلة، على الرغم من تأخره كثيراً في ذلك بما أن اقتصاد منطقة اليورو لا يزال في وضع سييء كما أن ارتفاع قيمة اليورو مؤخراً مقابل الدولار الأميركي والين الياباني سيقضي على أي أمل بانتعاش اقتصادي تقوده الصادرات.

لطالما اعتقادنا أن هناك تنسيقاً بين البنوك المركزية الرئيسية الثلاث في الغرب للمساعدة على حماية النظام الرأسمالي الحر من أي انهيار. قد لا يكون هذا التنسيق اتفاقية مكتوبة ولكن يمكن تفسيره من خلال الأحداث التي شهدها العالم.

ويبقى الخطر الأكبر بالنسبة لهذا السوق التصاعدي في فقدان الاحتياطي الفدرالي الأميركي السيطرة على الحركة في أسعار الفائدة وبالتالي فقدان السيطرة على نفسه والتصرف بطريقة غير منطقية. لدينا ثقة كاملة بأن المسؤولين في الفدرالي الأميركي سيحرصون على عدم إثارة استياء رؤسائهم في واشنطن وتفويت فرصة سهلة عليهم للفوز بانتخابات جديدة.

لذلك كله فقد علمتنا التجارب السابقة أن نتوقع قدوم سوق ذات منحنى تصاعدي يمكن أن يتواصل لعدة سنوات. ويأتي بعد أزمة كبيرة في الأسواق المالية، وهي أزمة دفعت البنوك المركزية لإجراء مراجعة واسعة النطاق حول الطريقة التي تعمل بها المؤسسات المالية. لقد عملت الشركات على إعادة هيكلة نماذج الأعمال الخاصة بها لمواكبة الأنظمة والتشريعات الجديدة ووضعت لنفسها أهدافاً أكثر واقعية.

باختصار يمكننا القول إن هذا السوق التصاعدي وُلد من رحم الاضطرابات الكبيرة في البيئات السياسية والاقتصادية التي بدأت في 2007. نحن نعتقد أن توقعات المستثمرين بأن يتمكن محافظي البنوك المركزية والسياسيين من وقف أو منع أي أزمة مالية مستقبلية قد تحققت وهذا لا يمكن إلا أن يكون جيداً بالنسبة لأسواق الأسهم. ويبقى هذا الأمل الكبير للمستثمرين ولكن ينبغي عليهم الاستفادة من هذا السوق التصاعدي في الوقت الراهن وعدم الاستهانة بأي فرصة مهما بدت ضئيلة.

Email