بكل فخر.. إماراتي

ت + ت - الحجم الطبيعي

ها نحن نحتفي بساعاتنا الأولى في 2014، وقد ودعنا في عامنا السابق 365 يوماً من أحلام رسمناها وحققنا بعضها، وذكريات دوَّناها في صفحات أيامنا.

أحداث 2013 كثيرة ولن تكفي سطور محدودة لسردها، ولكن في متحف 2013 فإن أهم اللوحات التي تبرز ويسلط عليها الضوء، هي لوحة الحكومات التي لاتزال ترتج من أحداث ذلك الربيع، إلى لوحة مظلمة تمثل الوجوه القبيحة التي كُشفت مع سقوط الأقنعة عن بعض الأنظمة السياسية المسماة بالإصلاحية، إلى لوحة ملطخة بالدماء فيها الجثث الطاهرة التي لاتزال تتساقط كأوراق الخريف، بسبب حكم مستبد لا يرحم لأنه انسلخ من كل الإنسانية والأخلاق، إلى لوحة المصاعب البائسة التي تفتك بآلاف البشر في كل عام، بسبب انقطاع سبل الحياة أو الكوارث الطبيعية.

النظرة العامة ستصنِّف المتحف من قِبل الكثيرين من البشر بمتحف العام المشؤوم؛ فكل اللوحات تعكس المآسي البشرية والدمار الذي يعج به العالم.. وقد نصنفه نحن كذلك لولا ذلك القسم من المتحف الذي يحوي لوحة فنيةً تتزين بألوانها الزاهية وتشع نوراً ودفئاً، والتي نستسقي منها الأمل والتفاؤل. لوحة رسمها عدة فنانين بأنامل إماراتية، وذيِّلت بتوقيع الشعب وسميِّت بـ"إماراتي وأفتخر".. هذه اللوحة تسرد بعض إنجازات الإمارات في العام المنصرم.

فقد وصلت الإمارات إلى مكانة يصعب على الكثيرين تخيلها في فترة قياسية، وذلك لأن القيادة ارتأت دائماً مكانة معينة وتطلعت لبلوغها، فوضعت كل الأساسات التي ستؤهلها لبلوغ مرادها؛ المركز الأول.

قال والدنا مؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله: "إن المواطن هو الثروة الحقيقية على هذه الأرض، وهو أغلى إمكانيات هذا البلد". وقد أثبتت الإمارات على مدى أربعة عقود، صدق قوله الذي أتبعه بالفعل والتنفيذ.

المبادرات المنصبة في مصلحة المواطن والتي نُفِّذت في 2013 عديدة، وكلها تهدف إلى الارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطنين؛ من تعديل القوانين، وتوفير الأراضي والمساكن في مختلف إمارات الدولة، وتقديم المساعدات للأفراد والأسر داخل الدولة، وصيانة منازل الأيتام المواطنين، وسداد الرسوم الدراسية لعدد كبير من الأسر المتعففة، وإطلاق حزمة من المبادرات لتوطين الوظائف وتمكين المواطن في سوق العمل.

وما كانت الإمارات لتصل للمراكز المتقدمة التي وصلت إليها، لولا الرؤية الثاقبة للقيادة، والتخطيط الصحيح والمدروس، ونرى ذلك جلياً في مشروع "شمس-1" للطاقة الشمسية، الذي أشرق في سماء المنطقة الغربية من الدولة في الربع الأول من 2013، وهو الأكبر من نوعه على مستوى العالم، والهادف إلى توفير مصادر طاقة متجددة ومستدامة، مما يسهم في تبوؤ الإمارات لمراكز متقدمة في قطاع الطاقة مستقبلاً.

ولم تقف خيوط شمس الإمارات في الغربية، بل امتدت إلى دول أخرى حين مولت مشاريع إنشاء محطات كهربائية في غينيا والمغرب. وفي هذه اللوحة أيضاً نرى الإمارات تحتفل بمرور أربع سنين على اختيارها مقراً لـ"آرينا"، راسمة بذلك مزيداً من الإنجازات الداعمة لمستقبل الطاقة المتجددة في العالم.

أثبتت الدولة حكمة القيادة وقوة الأفراد العاملين في هذا الاقتصاد المزدهر، فشهدت الدولة نمواً أعلى من المتوقع في اقتصادها، ومع استمرار سيل المشاريع وثبات الاقتصاد، جاءت الخاتمة السعيدة حين توجت دبي باستضافة معرض إكسبو 2020، مرسخة بذلك مكانتها الاقتصادية التي لطالما استحقتها.

عندما قال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي مقولته: "لا تتأثرون من الأوضاع ما دام البيت متوحدا"، انتقل صدى كلماته إلى قلب كل مواطن إماراتي. فالقيادة تسير على نهج الآباء المؤسسين ،رحمهم الله، والذي اعتمد على الوحدة والثقة المتبادلة. احتفلنا بكلمات الشيخ محمد بن زايد عبر مبادرات كثيرة خلال 2013، منها احتفالية مرور 250 سنة على بناء الصرح العظيم؛ قصر الحصن. وفي نفس العام شهدنا انطلاق مبادرة "البيت متوحد"، في إطار الالتزام الشعبي بالمسؤولية المجتمعية، حيث سجل الشعب التزامه بما يقارب اثنتين وعشرين ألف ساعة تطوع، لتعزيز روح العطاء ومشاعر التضامن.

ومن الناحية الإنسانية، تبنت الإمارات منذ تأسيسها دوراً محورياً في العمل الإنساني، مما جعلها رائدة في هذه الساحة المتعطشة لكل أنواع المساعدات. فمنذ تأسيس الدولة الفتية حتى اليوم، بلغ حجم المساعدات التي قدمتها الدولة إلى إجمالي يفوق 600 مليار درهم.. واستمرت الإمارات في تقديم المساعدات مع توالي الحروب والكوارث والمحن والمصاعب على العالم.

وفي ما يخص الأمن الوطني الذي هو أساسي في تمتعنا برغد العيش واستقرار الحياة، والذي لولاه لسادت الفوضى كما في كثير من الدول، فإن نهج الإمارات في سياستها الداخلية هو أن المصلحة الوطنية هي الفيصل. والنموذج الذي تعمل به الإمارات متفوق، لأنه يراعي الاحتياجات الوطنية ويصون الهوية ويعزز الثوابت ويحميها.

فعندما أعلنت الدولة عن قبضها على خلية تنظيم سري متسترة برداء الإصلاح ومرادها قلب نظام الحكم، أصابنا الذهول. فنحن نغرق في امتيازات لكوننا إماراتيين، فكيف لأحد أن يتجرأ على الدولة! تابعنا مجريات القضية وانتظرنا لحظات نطق الحكم على أحر من الجمر، ومع تفاوت ردود الأفعال للأحكام الصادرة، إلا أن الأمر الذي اتفق عليه الجميع هو نزاهة القضاء الإماراتي. التنظيم السري فصل مظلم من تاريخ الإمارات، ولكن ما يثلج الصدر هو علمنا أننا محاطون بأفراد يعملون ليل نهار، وهدفهم الحفاظ على سلامتنا وسلامة الوطن، لنستمر بالعيش في ازدهار تحت ظل القيادة التي لها منا كل الولاء والطاعة.

لوحة "إماراتي وأفتخر" ضخمة بما تحويه من إنجازات، مضيئة بالمبادرات، هي لوحة تجمع كل لحظات 2013 لتجعلنا نقف بهاماتنا فخورين.. لنا أن نفتخر بكل إنجازاتنا الهائلة، ولنا أن نرفع علم المجد والعزة عالياً.

للعام الجديد؛ سنرسم أحلاماً وسنحققها بإذن الله.. سنرسم لوحة جديدة لا تقل عن سابقتها جمالاً، لأننا نجد إلهامنا في دولتنا وقادتنا وشعبنا.

Email