دبي بين الماضي والمستقبل

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع نشر هذا المقال ستكون نتيجة التصويت لمعرفة المدينة المستضيفة لمعرض إكسبو 2020 قد ظهرت، وأنا على يقين مطلق بفوز بلادنا الحبيبة، وبهذا تكون الفرحة فرحتين؛ فرحة عيد الاتحاد الثاني والأربعين..

وفرحة إكسبو 2020. وبهذه المناسبات الجميلة والأيام السعيدة على وطننا الحبيب، أحببت أن أعود سنوات قليلة إلى الوراء لمعرفة بداية مشوار الطب والصحة في دبي. تعـد دبي أولى إمارات الدولة التي بدأت فيها الخدمات الصحية بشكلها الحديث، وتمثل ذلك في العيادة الطبية التي أنشأها الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، وذلك عام 1943، في الموقع نفسه الذي يشغله حالياً مستشفى المكتوم. ولم تزد تلك العيادة الطبية في بدايتها عن غرفة مقسمة إلى ثلاثة أجزاء للفحص، ولصرف الدواء..

ولسكن الطبيب، وكل إمكانياتها طبيب واحد دون مساعدين. وإذا ما احتاج المريض إلى مزيد من العلاج أو عملية جراحية، يرسل إلى البحرين على نفقة الحاكم. هذا مع الأخذ في الاعتبار بالطبع العيادات الطبية الخاصة التي أنشئت في إمارة دبي، كعيادة الدكتور محمد حبيب الرضا وعيادة الدكتور عبد الحسين كامكار.

وفي أكتوبر 1949 بدئ في تنفيذ مستشفى المكتوم ليخدم سكان دبي والإمارات المجاورة، واشترك حكام الإمارات جميعاً في دفع النفقات، وساهم حاكم دبي بأكبر نصيب منها. وتم افتتاح مستشفى المكتوم عام 1951، بطاقة عمل قدرت بطبيبين وصيدلي وممرض وفني أشعة واثني عشر سريراً، وذلك تحت إشراف الدكتور "ماكولي"، وهو طبيب بريطاني متقاعد. وكان العمل يتم في ظروف بالغة الصعوبة، وعلى ضوء المصابيح الغازية التي كانت تقوم مقام الكهرباء، والتي لم تكن متوافرة في تلك الفترة.

وبمرور السنوات أخذ مستشفى المكتوم في التوسع وتطورت الخدمات، فأصبح يضم قسمين رئيسيين: قسم المرضى الخارجيين، وقسم المرضى الداخليين والذي اشتمل على غالبية الاختصاصات، مثل الباطنية والجراحـة والأطفال والنساء والولادة. ووصل عدد الأسرة في المستشفى عام 1970 إلى 140 سريراً، وبلغ عدد الأطباء في العام نفسه 4 أطباء اختصاصيين و15 طبيباً عاماً، و103 عمال في هيئة التمريض.

أصدر الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، مرسوماً يقضي بتكوين دائرة الصحة وتعيين سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي وزير المالية، رئيساً لها، وذلك في 12 أكتوبر 1970 لتتولى مسؤولية تخطيط وإنشاء وتقديم الخدمات الصحية في إمارة دبي.

وقد رافق تكوينها مشروع إنشاء مستشفى راشد الذي بدأ العمل في إنشائه عام 1971، فكان أول مشروع تقوم الدائرة بالإشراف على تنفيذه ومتابعة مراحله المختلفة، وكان عدد الأسرة فيه عند البداية عام 1972 هو 393 سريراً، ثم وصل عدد الأسرة إلى 560 سريراً في الوقت الحاضر.

وفي عام 1983 تمّ افتتاح مستشفى دبي في ديرة بسعة 625 سريراً، وهو مجهّز بكامل المعدات والتقنيات العصرية المتطورة. وفي غضون ثلاث سنوات تمّ افتتاح مستشفى لطيفة (الوصل سابقاً) التخصصي لأمراض الولادة والنساء والأطفال، الذي شمل 367 سريراً.

وتعتبر هذه المرحلة من أهم مراحل تطور الخدمات الصحية في دبي، فقد أخذت الدائرة على عاتقها مسؤولية توفير الخدمات الصحية في كل مناطق إمارة دبي الحضرية والنائية، وبالتالي مواجهة الاحتياجات المتزايدة من هذه الخدمات، بالتخطيط للمؤسسات الجديدة وبتطوير الخدمات المقدمة من المؤسسات القائمة. وبذلك زاد عدد المستشفيات منذ تكوين دائرة الصحة، بعد أن كان هناك مستشفى المكتوم فقط، وأنشئت المراكز الصحية في المناطق المختلفة من مدينة دبي.

وفي العشرين سنة الأخيرة تسارعت عجلة الخدمات الصحية، وبالذات بعد دخول القطاع الخاص كشريك استراتيجي في تقديم الرعاية الصحية، وكانت مدينة دبي الطبية من أهم ثمرات هذه الشراكة.

وفي عام 2007 أصدر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، مرسوماً بتأسيس هيئة الصحة في دبي لكي تلعب دوراً مهماً في تأطير المنظومة الصحية في الإمارة. ومع بداية عام 2013 اعتمد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد الخطة الاستراتيجية 2013-2025 للمنظومة الصحية في الإمارة، والتي من خلالها ستبنى مرافق صحية هدفها الأول والأخير سعادة الإنسان على هذه الأرض الطيبة. فمنذ تكوين الدولة وقبل ذلك بكثير وشيوخنا الكرام في حركة دائمة لتأمين متطلبات الحياة الكريمة لشعب وساكني هذه الأرض الطيبة.

ماذا كانت نتيجة هذه الحركة؟ طاقة إيجابية لا تتوقف، وإبداع في الأفكار، وقهر للمستحيل وإزالته من قاموس حكامنا تمخض عنه كل ما وصلت إليه الدولة من رقي وما ستصل إليه.

منظومة صحية وخدمات هدفها الأوحد رعاية الإنسان وجعله في صحة وعافية. تمنياتي للجميع بجسم صحي معافى، فكما يقول المثل "العقل السليم في الجسم السليم"، وبوجود عقل سليم نستطيع وبكل سهولة تحقيق شعار إكسبو 2020 "تواصل العقول وصنع المستقبل".

 

Email