خيارات المركزي الأوروبي (1/2)

ت + ت - الحجم الطبيعي

لطالما ألقى البنك المركزي الأوروبي على مدى السنوات القليلة الماضية، مثله مثل غيره من البنوك المركزية حول العالم، اللوم على الاحتياطي الفدرالي الأميركي لتعمّده اعتماد سياسة إضعاف قيمة الدولار الأميركي من خلال تبني سياسة التيسير الكمّي. ولكن المركزي الأوروبي عمد الآن إلى خفض معدلات الفائدة إلى ما يقرب الصفر في المائة كما أنه يراقب بقلق حالة الانكماش التي تجتاح دول منطقة اليورو.

وكانت معدلات التضخم في منطقة اليورو قد تباطأت خلال شهر أكتوبر الماضي ووصلت إلى أدنى مستوياتها فيما يقرب من أربع سنوات لتبتعد عن هدف التضخم الذي حدده المركزي الأوروبي والذي يعادل 2%. وقد انخفض المعدل السنوي في أكتوبر إلى أدنى مستوى له منذ نوفمبر 2009 بوصوله إلى 0.7% بالمقارنة مع 1.1% في سبتمبر.

ولا يُفترض أن يُشكّل ذلك مفاجأة لأحد وخاصة بالنسبة للمركزي الأوروبي. وفي ظل وصول معدلات البطالة إلى مستويات قياسية وتعثر النمو الاقتصادي فمن المؤكد أن تستمر معدلات التضخم بالانخفاض.

تبقى هذه المسألة معضلة كبيرة بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي الذي تحدث عن وجود "توقعات متواضعة" لنمو الأسعار في الدول الأوروبية السبعة عشرة التي تشكّل منطقة اليورو. وكان تراجع التضخم في شهر أكتوبر يعني بقاء معدلات التضخم تحت سقف 2% للشهر التاسع على التوالي.

لقد تبدد الأمل بخروج الاقتصاد الأوروبي من حالة الركود بعد البيانات الاقتصادية الضعيفة التي أعلنت عنها ألمانيا وانكماش الاقتصاد الفرنسي وهما الاقتصادان الأكبر في منطقة اليورو. أما مصدر القلق الأكبر فيتمثل فيما يجب القيام به لمعالجة مشكلة ارتفاع معدلات البطالة، فمن المعروف أن انخفاض التضخم وارتفاع معدلات البطالة هما عاملان قاتلان بالنسبة لأي اقتصاد في المدى القصير على الأقل.

مما لا شك فيه أن ذلك سيذكي الجدل حول خطر الانكماش ويطرح تساؤلات حول ما إذا المركزي الأوروبي بإمكانه أو عليه اتخاذ خطوات لمواجهته. إننا نعتقد أنه ينبغي على المركزي الأوروبي القلق بدرجة كبيرة ليس من مستوى معدلات التضخم فقط ولكن من سرعة انخفاضها الكبيرة أيضاً. والجدير بالذكر أن آخر مرة وصلت فيها معدلات التضخم إلى هذا المستوى المتدني كانت منطقة اليورو تعيش في حالة ركود والشركات تتخذ خطوات لتقليص النفقات وتستغني عن الموظفين وقد كان ذلك في عام 2009 عندما انكمش الاقتصاد بنسبة 4%.

Email