أسعد نساء العالم

ت + ت - الحجم الطبيعي

حقوق المرأة ومساواتها بالرجل قضية شغلت العالم لعقود طويلة. مسألة يطول فيها الجدل بين معارض ومطالب، وبين من اختلت عندهم المفاهيم فأصبحوا وسط كل المصطلحات تائهين. عندما يتم تسليط الضوء على مسألة مساواة المرأة في العالم العربي، فغالباً ما يتم تصويرها على كونها الضحية المضطهدة والمقيدة بأحكام مجتمعية ظالمة، تحد من تقدمها في المنظور الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي. التحديات التي تواجه بعض دول العالم في قضايا حقوق المرأة معقدة، وتتطلب حلولاً جذرية من تغيير لأنظمة وسياسات.

عملت دولة الإمارات على مدى السنوات الماضية جاهدة في تنفيذ خارطة طريق واضحة لتمكين المرأة، تجلت في استثمارات ضخمة في قطاعات رئيسية تشمل التعليم والصحة والاقتصاد والمشاركة السياسية الفاعلة. ساهم هذا الاستثمار بشكل إيجابي حين تصدرت الإمارات دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في «مؤشر الفجوة بين الجنسين»، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.

ورغم كل الجهود الجبارة من الدولة لتقليص الفوارق وزيادة الاستثمارات لتحقيق الإنصاف، ورغم كونها الأولى عربياً، فإن ترجمة ذلك على المستوى العالمي وضعتها في المرتبة 107 من أصل 135 دولة مدرجة في هذا التقرير.

يصنف التقرير الدول في أربعة محاور أساسية وهي: المشاركة الاقتصادية، والتمكين السياسي، وتوفير الرعاية الصحية، والتحصيل العلمي. وجاء في التقرير أن أيسلندا احتلت المركز الأول للعام الخامس على التوالي، تلتها فنلندا والنرويج.

ساهمت عوامل عدة في تبوؤ الدول الثلاث هذه المراكز الأولى، وهي كون النساء فاعلات في المشاركة الاقتصادية، وتمكين المرأة سياسياً منذ بداية القرن العشرين، ولارتفاع مستويات الصحة فيها، مع وصول مستويات محو الأمية إلى 99% لكلا الجنسين.

تقرير المنتدى الاقتصادي وغيره من التقارير التي تصدر بشكل دوري من منظمات مختلفة، يعتمد على مقاييس ومؤشرات وبيانات تجمعها من مصادر مختلفة، وقد نقرأ تقريراً من منظمة مرموقة بنتيجة معينة ثم يصدر تقرير آخر بعد فترة وجيزة يخالفه في نتيجة قياس المؤشرات ذاتها. كم من التقارير سنقرأ وأيها سنعتمد؟ لمَ تختلف النتائج من تقرير لآخر؟ ما هي المصادر؟ هل تخدم هذه التقارير أجندات خارجية لتؤثر في الرأي العام؟

الأسئلة كثيرة، ولعل السؤال الأهم؛ كيف تقيِّم المرأة الإماراتية وضعها الاقتصادي والسياسي والتعليمي والصحي؟ أليست هي محور القضية؟ إذاً يجدر بها هي الإجابة.

كوني امرأة إماراتية، أود أن ألخص حالة المرأة في وطني بنزاهة واستقلالية. الدساتير في دول العالم هي الأسس التي تستند إليها كافة التشريعات وتنبثق منها القوانين المسيرة للأنظمة، وهي التي تحدد مجموعة الحقوق والواجبات المتبادلة بين الأفراد والمجتمع والوطن، بما يضمن العيش المشترك بسلام وأمان على أرض الدولة.

ومنذ تأسيس دولة الإمارات في 1971، حرص الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، وإخوانه أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد، على أن يكون للمرأة تمثيل كبير في الدستور، فكفل لها كل أشكال الاهتمام والرعاية باعتبارها المحور الأساسي للمجتمع وكونها شريكاً في مسيرة البناء والتطوير. كان الوالد المؤسس زايد، رحمه الله، رائداً في دعم المرأة وإدماجها في عملية صنع القرار، التي ساهمت في رفعتها وتقدمها وتحقيقها لكثير من الإنجازات التي ما كانت لتحلم بها لولا دعمه اللامحدود، وهو النهج الذي يتبعه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وإخوانه أصحاب السمو الشيوخ حكام الإمارات.

إن دور المرأة الإماراتية في مجتمعها هو دور مكمل لدور الرجل، وما كان ليكون لولا الاستراتيجية التي وضعتها سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، فكان دورها الريادي أساسياً في تميز المرأة الإماراتية في جميع الصعد.

ففكرها التنويري رسم طريقاً واضحاً تحكمه المبادئ والقيم الدينية والاجتماعية، لتسلكه المرأة بخطى واثقة وثابتة. فلا عجب أن نلقبها جميعاً بأم الإمارات، فهي من احتضنت المرأة ورعتها وحافظت على كينونتها وأبرزتها في مراكز قيادية وحيوية.

المرأة الإماراتية اليوم تخدم وطنها في مختلف المجالات السياسية في المجلس الوطني الاتحادي ومجلس الوزراء وفي السلك القضائي والدبلوماسي. وفي المجال الاقتصادي، حيث ترتفع معدلات مشاركاتها الاقتصادية سنوياً مع توفير التدريب والتأهيل، وفي مجال التعليم والصحة والطاقة والطيران والهندسة والتقنية وغيرها.

لم تتوقف المرأة الإماراتية عند الوظائف التقليدية، بل استمدت من روح الاتحاد التي لا تعرف المستحيل وانخرطت في مجالات صعبة، فأصبحت الإماراتية تعمل في جبهة الدفاع عن الوطن وتتقلد مناصب في الجيش والشرطة حتى وصلت لمنصب قائد مقاتلات حربية.

الإمارات كغيرها من الدول، تعي أهمية مواكبة التغيرات، ولذلك فهي تقوم باستحداث القوانين بشكل دوري بما فيه مصلحة الأفراد. وفي ما يخص المرأة فقد أصدر رئيس الدولة حفظه الله قراراً في 2012، في شأن تجنيس أبناء المواطنات للحفاظ على الكيان الأسري الإماراتي وتحقيق الاستقرار الاجتماعي وتعزيز روح الولاء والانتماء. وأيضاً في العام ذاته أصدر مجلس الوزراء قراراً آخر، اعتمد فيه إلزامية تمثيل المرأة في جميع مجالس الإدارات الحكومية، لتمكينها وتوفير صورة أعمق ولتمثيل المجتمع بكل شرائحه وأطيافه. وقامت الدولة بتوقيع اتفاقيات عدة مع منظمات دولية منها الأمم المتحدة، للقضاء على جميع أنواع التمييز والعنصرية ضد المرأة.

حين تغلب النزاعات ونجد شعوباً في حالة اعتصام لتثبت وجهة نظرها أو لتطالب بحقوق أساسية، وأخرى ترفع شعارات الاحتجاج لتعترض على العنصرية وغياب المساواة، نرى الإمارات مشغولة عن الكل بالتطوير والتنفيذ لتتقلد أوسمة عالمية اعترافاً بإنجازاتها في حق المرأة.

التقارير والقياسات والمؤشرات لن تغير الواقع الذي تعيشه الإماراتيات اللواتي يقفن شواهد للدولة، والإنجازات التي حققتها الإماراتية لليوم دوَّنها التاريخ بحروف من ذهب، وتقف شامخة بكل فخر مع القادة الذين يغدقون عليها بسيل من التشجيع والدعم، ويؤمنون بأن المرأة هي روح الوطن.. هذه المنظومة المتكاملة تضمن حقوق المرأة الإماراتية التي تؤكد أنها: أسعد نساء العالم.

Email