مدينة المستقبل

ت + ت - الحجم الطبيعي

بدأت أشعة الشمس تتسلل بهدوء إلى أروقة الغرفة معلنة عن يوم جديد وصباح يحمل في طياته المزيد من الرزق والخير. وشرع النوم يلملم نفسه للمغادرة ففتحت عيني لهذا اليوم وشكرت الله على نعمة الحياة.

انطلقت إلى استقبال زميلي الزائر لوطني الغالي من مطار آل مكتوم الدولي. خلية نحل وعمل دؤوب كان يلف جنبات هذا الصرح العالمي والذي من دونه ينقطع الاتصال بين الشرق والغرب.

شكرني الأيرلندي على حسن الاستقبال وكله لهفة وشوق لحضور المؤتمر العالمي لتعزيز الصحة والذي تقرر انعقاده في المدينة الذكية وملتقى الحضارات "دبي".

هل نحن في البندقية؟ قالها الضيف بكل انبهار وهو يرى المراكب تبحر في القناة المائية من أمام شرفة الفندق. إحساس بالسعادة غمرني في حينها. وتذكرت عندما كان المشروع مازال في طور التخطيط قبل سنوات. والآن أصبح الخليجان مترابطين التجاري مع العربي، مؤكدين بذلك انعدام وجود كلمة "مستحيل" في قاموس دولة الترابط والتوحد.

وصلنا إلى كورنيش الجميرا لتناول طعام الغذاء. وبينما نحن كذلك أخرجت هاتفي الذكي للسؤال عن ابني المريض. وكانت المفاجأة، لا يوجد شحن في البطارية.

توجهت لإحدى محطات شحن الهواتف المنتشرة على جانب الكورنيش والتي تعمل بالطاقة الشمسية. وضعت الهاتف على السطح المخصص وما هي إلا دقائق حتى عادت الحياة للهاتف وتم شحن نسبة 30% منه. ما يميز الإمارات وحكامها هو بعد النظرة وتنويع مصادر الدخل. من هذا المنطلق تم الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة وجعلها في خدمة الوطن والمواطن.

كان التواصل مع ابني المريض عن طريق خدمة الفيديو وبنسبة وضوح تعكس جودة الألياف البصرية المستخدمة. استثمار آخر وبنية تحتية لا تقل أهمية في تيسير سبل الحياة وجعل التواصل شريان الحياة في مدينة السعادة.

بعد الانتهاء من وجبة الغذاء أخذت الضيف الكريم لمضمار المشي على الكورنيش. تناولت الهاتف الذكي مرة أخرى من جيبي والذي أصبح الرفيق الدائم لي في حلي وترحالي ودخلت في تطبيق الصحة الذكية وقمت بتشغيل برنامج عداد المشي.

وبينما نحن نمشي التفت إلى الضيف مشتكياً من صداع خفيف ودوخة. بدأت في طرح الأسئلة المختلفة واستخدمت مهاراتي كطبيب أسرة لمعرفة السبب. ازداد الصداع فقررت التواصل مع الاختصاصي. أخرجت الكمبيوتر اللوحي وفتحت إشارة الاتصال اللاسلكي "واي فاي" واخترت شبكة كورنيش الجميرا لتفعيل الخدمة.

نظر لي الأيرلندي باستغراب متسائلاً من أين أتى الـ"واي فاي" عند البحر. تبسمت وأشرت لأحد أركان الممشى والذي يحتوي على مجسات خاصة وهي واحدة من عشرات النقاط الساخنة "هوت سبوت" المنتشرة في أرجاء المدينة لتغطيتها بخدمة الأنترنت المجاني!!

بدأ الاختصاصي في طرح المزيد من الأسئلة وهو ينظر بتمعن عبر شاشة الكمبيوتر اللوحي. طلب مني إرسال قراءات ضغط الدم ونبضات القلب الخاصة بالضيف إليه. أخذت بيد الضيف وتوجهنا لأحد الأكشاك القريبة. أخرجت بطاقة الهوية ووضعتها على الماسح الضوئي عند مدخل الكشك لقراءة رقم البطاقة الصحية وفتح باب الكشك. أصبحت بطاقة الهوية بوابة العبور لجميع الدوائر والمفتاح السحري لجميع المعاملات.

دخلنا الكشك وهو عبارة عن غرفة صغيرة مجهزة ببعض الأجهزة الطبية الإلكترونية. بعد قياس الضغط والنبض تم إرسال القراءات عبر الهاتف الذكي والذي التقط النتائج بمجرد ظهورها. كان سبب الأعراض إنهاك السفر ونقص في سوائل الجسم.

رجعنا للفندق ومازال الضيف يشكر ويثني على ما رأته عيناه من تسهيلات تحقق هدف العلم الأسمى ألا وهو سعادة الإنسان في كل زمان ومكان.

انقضت أيام المؤتمر وأتى وقت الرحيل. أوقفت السيارة عند بوابة المغادرين لتوديع الزائر الكريم، وإذا به يلتفت مؤشراً على مجموعة من المباني المتلاصقة بجانب المطار متسائلاً: "ما هذه المباني؟"

"نسيت أن أخبرك، هذا معرض إكسبو. سينتهي بعد أيام قلائل!!"

 

Email