المساواة وحقوق الرجل

ت + ت - الحجم الطبيعي

نشرت في مجلة دبي الثقافية العدد 88 مقالة «المرأة تتفوق» بقلم رئيس تحرير المجلة سيف المري، ورد فيها: «جاء في دراسة علمية حديثة أن جسد المرأة استطاع تطوير أدوات بيولوجية جديدة لرفع مستوى المناعة عندها في العقود الماضية بينما ظل الرجل على حاله، وهذا الذكاء الداخلي لجسد المرأة سيؤدي إلى زيادة متوسط أعمار النساء قياساً بالرجال»، كما ورد «في دراسة أخرى أجرتها إحدى الجامعات الأوروبية على متطوعين من الجنسين ممن تجاوزت أعمارهم الخامسة والثمانين تبين احتفاظ المرأة بقواها الذهنية حتى سن متأخرة جداً، مع حدة الذكاء والقدرات العقلية الأخرى التي اختفى معظمها عند الرجال من العينة نفسها».

قد تكون هناك مجالات كثيرة ونواح عدة يتفوق الرجل فيها على المرأة، حيث تسود طبيعته البيولوجية في مجالات مختلفة كالسياسة والرياضة والتجارة وغيرها، إلا أن هناك قنوات محددة تتفوق المرأة فيها على الرجل، وتتمحور هذه القنوات في النواحي النفسية والروحية والعاطفية.

وقد أظهرت العديد من الدراسات والأبحاث أن العوامل الروحية والحسية تترك تأثيراً إيجابياً في صحة الإنسان، وذكرت دراسة نقلها موقع «نيوزماكس هيلث»، أن الروحانية تساعد على بناء الشخصية، فالصحة العقلية للأشخاص الذين يتعافون من عوارض صحية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمعتقداتهم الروحية الإيجابية، وهناك دراسة لأهمية العوامل النفسية في نشوء أمراض عضوية، كما أظهر علم السيكولوجيا الصحية أن الصحة مرتبطة بالمكونات الجسمية والثقافية والاقتصادية والروحية.

وكما ورد في تقرير لمنظمة الصحة العالمية، حيث أوفى أن كل فرد قادر على التعامل مع المجتمع من خلال المهارات مثل المشاركة وتحمل الشدائد والمسؤولية المتبادلة، ويتصاحب ذلك مع الصحة البدنية ويجب تقوية النشاطات الصحية النفسية، والتي تؤثر في العلاقات الإنسانية.

هناك عوامل متعددة تسهم في تفوق المرأة على الرجل في تلك النواحي المحددة، قد تكون أسباباً بيولوجية أو عوامل أخرى منها ندرة المصادر الإرشادية، فمن الملاحظ فقر المنابع الإرشادية للرجل في تلك المجالات مقارنة بالمرأة في كافة مراحل حياته ابتداء من طفولته إلى مراحله المتقدمة.

فغرس المواعظ في سن مبكرة وخصوصاً تلك التي تخص تنمية المشاعر الإدراكية وتعزيز النواحي الروحية يؤثر إيجابياً في العمر الافتراضي للإنسان، وقد تطرقت سابقاً في جريدة البيان تاريخ 1/10/2013 لـ«المساواة وحقوق المرأة» ودور التوجيهات والإرشادات في تفوق المرأة، ووجود إرشادات حادة وتوجيهات مستمرة للمرأة، ومن الضرورة تطعيم الأطفال بجرعات متكافئة من التوجيهات والمحاسبة الذاتية بغض النظر عن الجنس، حيث إن ذلك له دور بارز في حياته لاحقاً.

كما نجد افتقار المكتبات إلى الكتب الإرشادية والتوجيهية للرجل مقارنة بالمرأة، فنجد كتباً متنوعة للمرأة تتناول نصائح تثري مخزونها الفكري بالإرشادات اللازمة، بينما يشكل البحث عن عناوين كتب إرشادية للرجل صعوبة بالغة تتعلق بالتوجيهات النفسية أو للاستعانة بالمجالات الروحية، كما أن هناك مساحة واسعة في الإعلام المرئي أو اللامرئي من برامج ومجلات تغطي الثقافة الإرشادية النفسية والروحية للمرأة مقارنة بالرجل.

ويأتي دور الحياة الاجتماعية للمرأة في مساندة تفوقها في المجالات النفسية والروحية، فغالباً ما تهيمن المرأة على الحياة الاجتماعية، وتتميز التجمعات النسائية بتعددها والنشاطات الترفيهية، وتبادل المعلومات عن الأمور الإرشادية والنفسية، بينما ينتهز الرجل الحياة الاجتماعية لمناقشة الأمور التجارية والرياضية والسياسية، كما تختلف طبيعة الرجل عن المرأة في تقبل المواعظ والتوجيهات، فالرجل يفضل في الغالب الكتمان وعدم البوح بما يخالجه من شعور وأمور قد تثقل كاهله، ما يؤزم إيجاد حلول أو طرق سالكة للإفساح للتراكمات الزمنية العالقة والمتأججة في داخله، والتي لها آثار سلبية في حياته لاحقاً، بينما يتسع مفهوم الصداقة عند المرأة ليشمل الدعم والإرشاد وفض المشاعر والضغوط.

الروح والجسد توأم متكامل لا يصح أحدهما إلا بصحبة الآخر، وعالم اليوم مليء بالضغوط النفسية والاجتماعية والانفعالات المستمرة، والتي قد تؤثر في صحة الإنسان سواء الجسدية أو النفسية، ومن الضرورة إيجاد المنابع التي تثري الجوانب النفسية والروحية، فهما من الركائز الأولية لحياة سليمة وصحية.

Email