المساواة وحقوق المرأة

ت + ت - الحجم الطبيعي

المفهوم الشائع لقضية المساواة بين المرأة والرجل، غالباً هو مساواة المرأة والرجل في المستوى أو الصنف الوظيفي أو فرص وطبيعة العمل.

وقبل عدة عقود كان يترجم مفهوم المساواة بمطالبة المرأة بالمساواة في طبيعة العمل مع الرجل، فكانت تواجه تساؤلات وتحديات حادة، منها قدرتها على التحمل وقوة إرادتها في وظائف صعبة، كوظيفة قيادة شاحنة مثلاً، أو مقدرتها على العمل في مناجم الفحم.

المفهوم السائد في العصر الحالي لمساواة المرأة والرجل، غالباً هو مساواتها في الرتبة القيادية وترقيتها في السلم الوظيفي وتربعها على أعلى المناصب المتاحة.

وقد بذلت الجهات الدولية والعالمية جميعها قصارى جهودها لتمهد للمرأة خط سيرها سالكاً دون عثرات أو مطبات في مجالات مختلفة، ومعظم نقاشات وحوارات المحافل الدولية في قضية المساواة أو حقوق المرأة، تكون محصورة في قضايا محورية معينة، كالمستوى الأكاديمي والصنف أو الدرجة الوظيفية، وغيرها من القضايا التي تهم المرأة.

 المساواة التي أود طرحها هنا قد تغطي جوانب جديدة وبسيطة، ولكن تكمن فيها أبعاد مصيرية مهمة، تدور حول مساواة المرأة للرجل في حقوقها الأولوية، حقوقها الدقيقة والمهمة في نفس الوقت، حيث تدور حول مساواة المرأة بالرجل أو الرجل بالمرأة، في التوجيهات والإرشادات الاجتماعية، وحرية المرأة الشخصية في الأماكن العامة.

ومما لا شك فيه أن هذه التوجيهات المتكررة والإرشادات المكثفة لعبت دوراً كبيراً في تطور المرأة وتفوقها لاحقاً، بل إن تلك الإرشادات والتوجيهات المشحونة بمحاسبة النفس ومراعاة الشعور والتقدير اللامحدود للجنس الآخر، كانت اللبنة الأولى لبناء شخصية المرأة وقوة تحملها وقدرتها على مواجهة التحديات، وتعزيز مشاعرها الإنسانية تجاه الآخرين، ما أدى إلى تعزيز مكانتها.

وقد يتبادر إلى الأذهان كم وافر من الاستفسارات، منها: هل المرأة في المجتمع، وبالذات في العالم الشرقي، تمشي بثقة وراحة تامة في الأماكن العامة كما يمشي الرجل؟ لماذا تتعرض المرأة أحياناً لمشاكسات أو نظرات غير مريحة عندما تمارس أبسط حقوقها؛ حق التنقل؟ لماذا لا تكون هناك محاسبة رادعة ومكثفة للأفراد من قبل المحيط الاجتماعي، ضد أي تصرفات غير حضارية وغير أخلاقية تجاه المرأة؟

بعيداً عن الأحكام القانونية والشرعية والعرفية في بعض الدول العربية والإسلامية، وبعيداً عن الجهات التي تقوم على تطبيق تلك القوانين، فالقضية هنا عن مواقف أفراد لا يمتلكون الصلاحية لتمثيل أو تطبيق أي نوع من الأحكام، مواقف وتصرفات أفراد المجتمع تجاه كيان المرأة.

ومن هذا المنطلق، تتسابق الأسئلة ويتزاحم على الخيال مزيج هائل من الاستفسارات؛ هل يأخذ الفرد، ذكراً كان أم أنثى، نصيباً متعادلاً ومتكافئاً من التوجيهات والإرشادات بخصوص احترام مشاعر الجميع بغض النظر عن الجنس؟ لماذا لا تزرع في المراحل المبكرة للأفراد البنية الثقافية لتعظيم مكانة المرأة، وكيانها الإنساني والعاطفي، مكانة المرأة بشكل عام وليس بالضرورة كفرد من أفراد الأسرة؟

دولة الإمارات العربية المتحدة كانت ولا تزال رمزاً للحضارة والمدنية، وقد وضعت قوانين صارمة تحمي حرية المرأة الشخصية، ومن أبرزها المبادرات التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، ضد ظاهرة المعاكسات في مطلع الثمانينات، ووضع عقوبات صارمة لأي شخص يقوم بتصرفات غير لائقة قد تخدش حياء المرأة في الأماكن العامة.

وبفضل تلك المبادرات والتوجيهات التي تدل على الرؤية الحكيمة لسموه لقضايا المرأة، أمكن القضاء على تلك الظاهرة بشكل نهائي، إلا أنه من المؤسف أن تشكل هذه الظاهرة في زمننا هذا حجر عثرة أمام خروج المرأة ومزاولة نشاطاتها اليومية أحياناً، في بعض الدول والمناطق المجاورة.

إن للمرأة الحق في التمتع براحة البال والإحساس بالأمان في جميع رقع الأرض.. ولا يحق لأي فرد المس بحياء المرأة وكرامتها مهما كانت المبررات والحجج. ويجب سن قوانين دولية في جميع المناطق والدول، بشأن عدم المساس بالحريات الشخصية خصوصاً للمرأة، وتكثيف المتابعة والمراقبة الأمنية، وإنزال عقوبات صارمة للحيلولة دون انتهاك حقوق المرأة، بما فيها الأولية والجوهرية.

Email