الاقتصاد الأخضر

ت + ت - الحجم الطبيعي

قبل سنوات معدودة لم يخلد ببال أحد أن ارتفاع أو انخفاض درجة الحرارة يؤثر سلباً أو إيجاباً على معدلات الفقر في العالم. إلى أن بدأ العلماء يتحدثون عن التغيير المناخي والاحتباس الحراري. وقد بذلت في العقدين الماضيين جهود كبيرة لأجل خفض مستوى الفقر في المجتمعات البشرية ووضعت هيئة الأمم المتحدة القضاء على الفقر الهدف الأول في قائمة أولويات أهداف الألفية الثالثة.

 كما حذر أخيراً جيم يونغ كيم رئيس مجموعة البنك الدولي من أنه إذا لم يتحرك المجتمع الدولي للتصدي لتغيير المناخ فإنه لن يكون بميسور البشرية تحقيق الهدف الإنمائي الأول للألفية وأن الفقراء الذين هم أقل الناس مسؤولية عن الاحتباس الحراري سيكونون أكثرهم تضرراً من ذلك. كما خلصت دراسة قام بها علماء معهد "لوتسدام" في ألمانيا إلى أن ارتفاع حرارة الأرض ستكون له آثار مدمرة على الحرث والنسل.

إن التغيير المناخي سيؤثر سلباً على معدل سقوط الأمطار وزيادة تبخر مياه المحيطات وارتفاع منسوب مياه البحر وذوبان الجليد وتكثر الأعاصير والفيضانات والكوارث الطبيعية فيقل المحصول الغذائي ويزداد سوء التغذية وتنتشر الأمراض والأوبئة في معظم الدول النامية خاصة بين المجتمعات البشرية الأكثر فقراً مما يضاعف معاناة البشر وبؤسهم.

وهنا تبرز أهمية الاقتصاد الأخضر. فهو يعني بالعلاقة بين الإنسان والبيئة والطبيعة في جوانب اقتصادية واجتماعية عدة تشمل الاستثمارات المالية الهادفة إلى التصدي لإشكالات الاحتباس الحراري ومشاريع الطاقة المتجددة كالطاقة المتولدة من الرياح وجريان الأنهار وأمواج البحر وغيرها.

كما يدعم الاقتصاد الأخضر المشاريع الهادفة إلى التوسع في زيادة المسطحات الخضراء على كوكب الأرض ومبادرات المحافظة على الحياة الفطرية والتنوع البيولوجي. كما تبرز أهمية الاقتصاد الأخضر في السعي إلى إيجاد وتوفير تصاميم حديثة تخص مكونات البنية التحتية في المناطق الأكثر عرضة للكوارث والأزمات تكون أكثر استدامة وأقل تكلفة وتستطيع الدول النامية الاستفادة منها في حماية مواطنيها الفقراء والمحرومين.

ويسعى خبراء الاقتصاد الأخضر إلى ابتكار نظم وأدوات لأجل المحافظة على الموارد الطبيعية في دول العالم وتشمل هذه الموارد الأنهار والبحيرات والعيون والينابيع والغابات والمروج والمسطحات الرطبة والخضراء والمناطق الثلجية.

وقد أدى الاستثمار في الدراسات والبحوث المتعلقة بالطاقة الشمسية إلى خفض تكلفة هذه الطاقة بنسبة 80% في السنوات الخمس الماضية بحسب تحليل إخباري لوكالة بلومبرغ للأنباء، كما أدت تلك الاستثمارات إلى زيادة كفاءة الألواح الشمسية مما أدى إلى ارتفاع الإنتاج العالمي للطاقة الشمسية من 2.8 مليار ميجاوات قبل 10 سنوات إلى أكثر من 100 مليار ميجاوات، حيث حصلت أوروبا على 18% من حاجتها من الكهرباء من الطاقة الشمسية بحسب بنك يو بي أس.

وتعتبر محطة "شمس 1" في المنطقة الغربية في الإمارات من الأمثلة الرائدة في استثمارات الاقتصاد الأخضر. ذلك أن "شمس 1" هي أكبر محطة عاملة في العالم لتوليد الكهرباء باستخدام تكنولوجيا الطاقة الشمسية المركزة، حيث تنتج 100 ميجاوات من الطاقة الكهربائية النظيفة بما يكفي لإمداد 20 ألف منزل والحد من الانبعاثات الكربونية بحوالي 175 ألف طن سنوياً، وهذا يعادل زراعة مليون ونصف المليون شجرة وإزالة 15 ألف سيارة من الطرقات.

وتخطط دول أخرى أن تحذو حذو الإمارات في توظيف استثمارات كبيرة في هذا القطاع الجديد ذي الآفاق الواعدة لأجل ضمان أمن الطاقة والحد من انعكاسات الاحتباس الحراري وتغيير المناخ. وقد اختارت هيئة الأمم المتحدة الإمارات الدولة الوحيدة بين دول الشرق الأوسط ضمن 27 دولة معيارية، واعتبرتها مرجعاً في الاقتصاد الأخضر الدولي.

وذلك لإسهاماتها المشهودة في تطوير هذا الاقتصاد واحتضانها مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (ارينا)، ومبادراتها المحلية والدولية المتعددة لتخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والتنوع البيئي والمشاريع الخضراء للمحافظة على البيئة المستدامة.

 

Email