وما خفي أعظم

ت + ت - الحجم الطبيعي

يضفي على صاحبه صفة الوقار، وعند البعض يكون سببا للخجل والاستحياء. من بعيد تراه كالسراب، لكن عندما تقترب منه تكتشف أنه لم يختف وما زال موجودا. يمكن أن يظهر في أي عمر، لكن زياراته في الأغلب تكون في مرحلة الشباب وما بعده.. انه "الصلع".

لقد خلق الله عز وجل الإنسان في تقويم متكامل، وأي خلل في التقويم يجلب الشعور بالنقص وانعدام الثقة. الصلع يفتح الباب لدخول هذه الأحاسيس بكل قوة، والتي بدورها تسحب الاكتئاب والقلق معها.

لكن ما هو الصلع؟ الصلع عبارة عن فقدان متدرج للشعر. ويقول بعض الدراسات إن العامل المسبب لفقدان الشعر هو حساسية جذور الشعر المفرطة لمادة DHT، التي تدخل في تنظيم إفرازات هرمون التستوسترون الذكوري. هذا النوع من فقدان الشعر، وهو الأكثر شيوعا في مجتمعاتنا، يكون دائما جينيا، حيث يتم توارث الحساسية المفرطة ضد DHT من الآباء إلى الأبناء K .

كما يزداد احتمال فقدان الشعر أو الصلع لدى الأشخاص كلما ازدادوا عمرا، وفي عمر 35 يعاني 4 رجال من كل 10 من الصلع. وما يجدر ذكره أن تساقط الشعر أو الصلع تختلف نسبته من شعب لآخر ومن عرق لآخر.. وطبعا يصيب النساء أيضا.

تتميز مجتمعاتنا العربية وخصوصا الخليجية منها، بلباس معين لتغطية الرأس وهو "العقال والغترة". هذا اللباس استقبل عددا لا متناهي من التهم والتجريح بأن له دورا في تسريع تساقط الشعر عند الذين عندهم استعداد وراثي. لكن يقول المثل "المتهم بريء حتى تثبت إدانته"، وحتى يومنا هذا لا توجد دراسات تؤكد وجود العلاقة المشبوهة. صحيح أن الغترة والعقال سبب إزعاج خصوصا في الصيف، لكنها تضفي جمالا وهيبة لمرتديها.

المشكلة في الصلع أنه قد يصيب أي واحد منا، بغض النظر عن وجود تاريخ عائلي أو لا، وما زال العلم يبحث عن طرق للوقاية منه..

لكن هل له علاج؟ النوع الأول هو العلاج الدوائي للصلع، حيث أظهرت الدراسات العلمية التي أجريت حديثا أن الأدوية المستخدمة في علاج تضخم البروستاتا، تعيد نمو الشعر عند عدد جيد من المرضى، كما أنها توقف التساقط عند نسبة أعلى.

وأيضا لوحظ أن مكونات "المينوكسديل" والتي تستخدم موضعيا (دهان للرأس)، تؤثر بشكل أفضل في المراحل المبكرة من تساقط الشعر الذكوري، ويجب استعماله باستمرار للحصول على نتائج لأنه عند التوقف عن استخدام الدواء فإن الشعر يعود ثانية للتساقط.

أما النوع الثاني من العلاج الذي أخذ الاهتمام الأكبر في الفترة الأخيرة، فهو زراعة الشعر. ويجب أن يكون الشعر الخلفي للرأس وعلى الجانبين كثيفا إلى حد ما، وكافيا لاستئصال بصيلات الشعر منه وإعادة زراعته في المقدمة وأعلى الرأس. ومن العوامل المهمة الأخرى في زراعة وإعادة تشكيل الشعر، هو نوع الشعر ولونه ودرجة نضارته ومدى نعومته. كما أن الشعر المزروع لا يبدأ بالنمو إلا بعد ثلاثة أو أربعة أشهر، وهذا يتطلب درجة كافية من الصبر والاحتمال من قبل الشخص.

يقول المثل: "خالف تعرف" وهذا ينطبق تماما على الدراسة التالية، حيث كشفت دراسة صدرت أخيراً أن الرجال الصلع يتميزون بالقوة والتأثير فيمن حولهم، بالإضافة إلى كونهم أجدر بالثقة مقارنة مع الرجال الذين يفضلون المحافظة على طول شعرهم.

وجاء في الدراسة التي نشرتها مجلة تايم الأميركية، أن الرجال الذين يحلقون رؤوسهم بالكامل ينظر إليهم من قبل الآخرين على أنهم أكثر رجولة وأقدر على فرض سيطرتهم على من حولهم. وأن الرجال الصلع لديهم فرصة العمل بمركز قيادي أكثر من أقرانهم من الرجال الذين يحافظون على تطويل شعرهم، وذلك بسبب السمات الرجولية التي تظهر جلياً عليهم.. الأمر الذي يوصلهم إلى المراكز القيادية على حساب الرجال ذوي الشعر.

عجيب أمر الإنسان؛ صاحب الشعر يزيله وفاقد الشعر يزرعه! وما زال العلم يبحث، وحتى يصل للحل الناجع ستستمر حكاية الصلع.. وما خفي أعظم!

 

Email