هل حان وقت العودة إلى أسواق الأسهم العالمية؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

يبدو أن الأسواق المالية العالمية، وبغضّ النظر عن التقلبات اليومية الحادة التي تشهدها هذه الأسواق، اعتادت على فترة ما بعد الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، كما يبدو أن طريقة التعامل مع الاستثمار في الأسهم قد شهدت تطوراً ملحوظاً منذ اندلاع أزمة قطاع الرهن العقاري في الولايات المتحدة في عام 2008.

وقد استجابت بعض الجهات الاستثمارية التقليدية، مثل المؤسسات والصناديق السيادية وصناديق المعاشات التقاعدية والأفراد لتطورات ما بعد الأزمة، من خلال وضع أموالهم في الاستثمارات ذات الدخل الثابت والاستثمارات المدرّة للدخل، مثل العقارات والودائع المصرفية، وانخفضت بالتالي استثماراتهم في قطاع الأسهم بشكل كبير.

لا بدّ من الاعتراف بأن الأسواق المالية تسببت في توتّر المستثمرين، وأدخلت الرعب إلى نفوس الكثير منهم، ودفعتهم للعمل بعيداً عن قطاع الأسهم. كما استجابت بعض الشركات العالمية إلى هذه التطورات، من خلال تحويل نفسها إلى كيانات أصغر وأخف مع تأمين قيمة أفضل للمستثمرين، والجمع في الوقت نفسه بين المحافظة على ميزانيات قوية وتوزيع عوائد نقدية جيدة على السندات أو النقد.

قد تكون المرحلة الحالية هي الوقت المناسب للعودة إلى الاستثمار في قطاع الأسهم العالمية. لقد أحجم المستثمرون كلّياً وبشكل متزايد خلال السنوات القليلة الماضية عن الاستثمار في الأسهم، وذلك مقابل الإقبال على الاستثمارات الآمنة نسبياً، مثل صناديق الدخل الثابت.

ويتمثل أحد الأسباب الرئيسة التي تقف وراء الهروب من الأسهم، هو بالطبع تقلبها والمخاطر المتوقعة منها. لقد أذهلت الخسائر الكثيرين، ولا تزال ذكرى الخسائر الكبيرة والتراجع الأكبر لأسعار الأسهم في الأسواق العالمية حاضرة في أذهان الجميع، لدرجة تمنع المستثمرين نفسياً من العودة إلى أسواق الأسهم.

أنا شخصياً أرى، وكما ذكرت في هذه الزاوية في العديد من المرات، أنه من الصعب جداً إقراض الحكومات في ظل المعدلات القياسية المنخفضة جداً لأسعار الفائدة، والتي تتجاوز نسبة 1 ٪ بقليل، حتى ولو كانت هذه الدول تتمتع بتصنيف ائتماني من درجة AAA. لماذا قد أختار إقراض الحكومات بهذه الفائدة المنخفضة، في الوقت الذي يمكنني فيه شراء أسهم ذات جودة عالية تحقق عائد أرباح بنسبة 3 ٪ في شركات مثل آي بي إم، إكسون بتروليوم، ماكدونالدز وأوراكل.

لقد كان الانتقال من الأسهم إلى أصول أخرى أكثر أماناً مبرراً في ذلك الوقت، ولكنني لا أرى أن هذه الأعذار مُبَرِّرة الآن. عندما نرى "هستيريا" الحكومات والشركات في الاقتراض وإصدار السندات بأسعار فائدة تاريخية، فإن المستثمرين ينبغي أن يفهموا الإشارة الواضحة بأن هذا "الحفل" بالنسبة للحكومات والشركات قد يكون قارب على الانتهاء، وأنه يجب عليهم التوجه سريعاً، وقبل فوات الأوان، إلى الاستثمار في ميادين أكثر جدوى.

وكما نعلم جميعاً، فإن أسواق الأسهم لديها طريقتها الخاصة بالتطور، ويمكن بسهولة أن تبدأ بالارتفاع على الرغم من تواصل الوضع المتأزم. أنا شخصياً أعتقد أن ما شهدناه خلال الشهرين الماضيين هو انعطافة واضحة، وأن الأسواق بدأت الآن بالصعود.

يجب علينا أن نتذكر أن التوجه السائد هو المساند الأفضل. ولا ينبغي للمستثمرين طويلي الأجل، الشعور بالقلق أو الانشغال بعناوين الأخبار اليومية السيئة، بل عليهم بدلاً من ذلك العمل بشكل صحيح، وتحديد الأسهم عالية الجودة التي بالإمكان أن تحقق لهم العوائد والأرباح في المستقبل.

منذ اندلاع الأزمة المالية في عام 2008، أحجم عدد كبير من المستثمرين عن الاستثمار في أسواق الأسهم، وفضلوا الاستثمار في شركاتهم الخاصة، وأعتقد أنه مع بدء أسواق الأسهم العالمية في الانعطاف وتأسيسها لاتجاهات تصاعدية،.

فإن المستثمرين المحليين لن يكتفوا بتقليص استثماراتهم في الأسهم المحلية، بل سينتقلون من الاستثمارات التي يُعتقد أنها أكثر أماناً باتجاه الأسهم. والسؤال الذي يطرح نفسه هو، لماذا يُعتبر الاستثمار على الصعيد العالمي وسيلة استثمارية حكيمة جداً؟ يمكن للمستثمرين التمتع بحضور على مستوى عالمي دون الاستثمار على صعيد عالمي.

إن شكل الاستثمار على الصعيد العالمي في حد ذاته يتغير، وهناك شيء واحد مؤكد، وهو أن الشركات نفسها تتحول بشكل متزايد إلى الاستثمار عالمياً، وفي الوقت الذي أصبحت فيه هذه الشركات أكثر تنوعاً وأكثر عالمية، تخلص المستثمرون من الكثير من المخاطر بالاستثمار خارج أسواقهم. وفي حين كانت في الماضي دولة أو منطقة هي التي تُوجّه الاستثمارات، فإننا نشهد في الوقت الحالي.

وبشكل متزايد، اختياراً للأسهم على أساس عالمي. إذا كان المستثمرون عاجزين عن اختيار الأسهم المناسبة، فربما عليهم محاولة تحديد ديناميكية القطاع، ولكن للقيام بذلك، فإنه عليهم فهم واستيعاب الدورة الاقتصادية العالمية. نحن في ديمة كابيتال نؤمن بالاستثمار بناء على رؤيتنا للاقتصاد العالمي الكلي، والتي تسمح لنا بتقدير القطاعات المناسبة، ومن ثم اختيار الأسهم المناسبة من بين هذه القطاعات.

للأسف، وبعد مرور خمس سنوات على اندلاع الأزمة المالية، من الواضح أن الأجواء التي سادت فترة ما بعد الأزمة ما زالت تسيطر على القرارات التي يتخذها المستثمرون، وهذا هو سبب التوتر الذي يسيطر على أداء المستثمرين. إلا أنه من غير المحتمل أن يتكرر ذلك، وبناء على ذلك، لماذا تبني محفظتك على أساس أمر ربما قد لا يحدث؟

إن الإحساس بالأمان الذي يأتي على شكل ودائع نقدية، أو الاستثمار في الدخل الثابت، هو في الواقع وهم في بيئة اليوم التي تشهد معدلات تضخم مرتفعة، بما أن التضخم يؤدي إلى تآكل الفائدة في كل من السندات والاستثمارات النقدية HT@dimah.com.kw

 

Email