ذعر في البنك المركزي الأوروبي لارتفاع العوائد بمنطقة اليورو

ت + ت - الحجم الطبيعي

يشكل الارتفاع الحاد في عوائد السندات في منطقة اليورو معضلة حقيقية يمكن أن تعرقل أي أمل بحدوث انتعاش اقتصادي بما أن الدول الأضعف اقتصادياً ستجد صعوبة في جمع التمويل الذي تحتاجه. وعلى الرغم من ذلك فإن هذا الارتفاع لن يشكل تهديداً مباشراً لقدرة دول منطقة اليورو، التي تعيش تحت وطأة أزمة اقتصادية، على خدمة الديون الهائلة المترتبة عليها في حال اتخذ البنك المركزي الأوروبي قراراً بتغيير سياساته الصارمة.

لقد بدأت السندات الخاصة ببعض دول منطقة اليورو مثل إسبانيا، اليونان، البرتغال وإيطاليا تواجه ضغوطات بيع كبيرة بسبب مخاوف المستثمرين من احتمال اتخاذ الاحتياطي الفدرالي الأميركي قراراً بخفض برنامج التحفيز الاقتصادي وتقليص البرنامج الشهري لشراء السندات بحلول نهاية العام الحالي وهو ما يقطع إمدادات السيولة التي كانت تدفع المستثمرين نحو الأصول ذات المخاطر.

إن المستثمرين في قطاع السندات بحاجة ماسة إلى بعض التوجيهات والتطمينات بعدم ارتفاع الأسعار الرسمية قبل دخول الانتعاش الاقتصادي في حالة جيدة وقوية. تتمثل المشكلة الحقيقية في أن المركزي الأوروبي تخلّف عن الركب في وقت يعيش فيه الاقتصاد الأميركي دورةَ انتعاش كاملة، وكلما رأى المستثمرون في السندات علاماتٍ على تسارع الاقتصاد الأميركي فإنهم سيواصلون بيع السندات التي بين أيديهم والتي من بينها أيضاً السندات الأوروبية.

بإمكاننا القول إن العائدات المنخفضة بشكل قياسي هي مؤقتة وستعود في مرحلة معينة إلى المعدلات التي تنسجم مع الدورة الاقتصادية وأساسياتها. لقد تعب المسؤولون في منطقة اليورو من الدعوات الكثيرة المستمرة والشرح المتواصل لضرورة انخفاض العوائد وعودتها إلى مستويات ما قبل تصريحات برنانكي. أعتقد أن الكلام الذي يقولونه فيه بعض من الصحة إلا أن ردة الفعل الأولية للمستثمرين ستكون بيعَ السندات التي بين أيديهم أولاً ثم إعادة التفكير في الأساسيات. ومع ذلك فإن العودة إلى مستويات ما قبل تصريحات برنانكي مرة أخرى ستكون صعبة ما لم نرَ تراجعاً حاداً في نشاط الاقتصاد الأميركي، وهذا أمر مستبعد جداً.

يجب على المستثمرين في قطاع السندات الانتباه إلى أن مستويات العوائد الحالية هي نفسُها التي كانت موجودة في شهر مارس من العام الحالي، وعلى الرغم من ذلك لا بد من الاعتراف بأنهم خسروا بالفعل الكثيرَ من الأموال في غضون أسابيع قليلة. إنّ بناء جسور الثقة لا يتم بهذه الطريقة، ولذلك أعتقد أن على البنوك المركزية تغيير سياساتها وإيصالها للمستثمرين بطريقة أكثر وضوحاً ودقة.

يستحق المستثمرون الدوليون الذين واصلوا خلال الفترة الماضية ضخَّ مليارات الدولارات في أسواق السندات أن يحصلوا، وعلى وجه السرعة، من البنوك المركزية لاسيما المركزي الأوروبي على بعض التطمينات بأن الارتفاع في الأسعار، الذي هو في الحقيقة غير مناسب بالنسبة لاقتصاديات منطقة اليورو، سيتوقف في وقت ما قريباً.

Email