بين الزكاة والصيام

ت + ت - الحجم الطبيعي

الركن الثالث والرابع من أركان الإسلام الخمسة ، لا يستطيع أحد أن يتركهما إلا وكان في رقبته إلى يوم الدين، فهو لا يسقط بالتقادم ولا يغيب عن علام الغيوب. أنت رقيب على نفسك فزكاتك في بطون الفقراء لا يراها الناس، والصيام في بطنك أنت لا يراه الناس، و شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله في قلبك أنت لا يراها الناس، لكن يراها ويعرفها و يقبلها أو يردها عليك هو وحده الله جلّ جلاله.

اليوم كان ما أخبر خير البرية عن هذه البشرية، أنه أخوف ما يخاف على الأمة المحمدية أن تفتح عليهم الدنيا، فجاء في صحيح البخاري حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال حدثني إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن موسى بن عقبة قال ابن شهاب حدثني عروة بن الزبير أن المسور بن مخرمة أخبره أن عمرو بن عوف ( قدم أبو عبيدة بمال من البحرين فسمعت الأنصار بقدومه فوافته صلاة الصبح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما انصرف تعرضوا له فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم وقال أظنكم سمعتم بقدوم أبي عبيدة وأنه جاء بشيء قالوا أجل يا رسول الله قال فأبشروا وأملوا ما يسركم فوالله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتلهيكم كما ألهتهم).

فحقاً يا سيدي يا رسول الله عليك أفضل صلاة وتسليم ، فقد فتحت علينا الدنيا وألهتنا وأدخلت القلوب فكانت شرا محبوبا. حتى كادت أن تخل بأركان الاسلام ، فقد سهل الحج وتاركيه اليوم كُثُر، وأصبح المال وفيرا لكن الطمع فيه كَبُر.

أعرف تجارا تبلغ زكاتهم مئات الملايين يؤدوها بحقها كاملا، وهناك من يستكثرها وتشح نفسه فلا يكاد يخرج عشرها. فهذا الصنف الشحيح أقول له قد دعا عليك وقال فيك رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً رواه البخاري و ابن ماجة حدثنا يعقوب بن حميد حدثنا إسحق بن سعيد عن صفوان بن سليم عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة ( قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش).

ولكل من يقول لا أعرف ولا أفهم أحكام الزكاة ، أقول كيف حالك عندما تذهب وتشتري سيارة أو موبايلا ، أجدك تسأل عن كل اوبشن وفحص وميزة وتعرف الفرق في الموديلات فهذا حرص على أمور الدنيا فكيف في ركن من أركان الاسلام لا يسقط من عنقك وهو بينك وبين ربك .

وكان موقف للنبي صلى الله عليه وسلم مع صحابية رواه أبو داود والنسائي والدارقطني ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه، عن جده أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب، فقال لها: "أتعطين زكاة هذا؟" قالت: لا، قال: "أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟"، فخلعتهما فألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: هما لله ولرسوله.

فيجب أن نفهم إيتاء الزكاة هو عبادة مالية فرضها الله على عباده، طهرة لنفوسهم من البخل، ولصحائفهم من الخطايا، وقد ذكر الله في كتابه: "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها" (التوبة : 103).وقد فرض الله على المسلمين زكاتين، زكاة الفطر وهي التي تؤدى بعد شهر رمضان، وزكاة المال وهي نسبة 2.5% من المال المدخر سنوياً والذي حال عليه الحول.

وتُدفع الزكاة للفقراء المحتاجين ويسقط هذا الفرض عن الناس المعدمين الذين لا يملكون شيئاً. ولم يترك الإسلام للمسلم حرية التصرف في هذا المبلغ المستقطع بل حدّده في مسالك ثمانية يمكن للمسلم أن يختار أحدها لانفاق الزكاة.

Email