خفض توقعات النمو تحذير للبنوك المركزية

ت + ت - الحجم الطبيعي

أرجع الكثير من المحللين والمعلقين الاقتصاديين حالة الخوف التي يعيشها المستثمرون مؤخراً في جميع أنحاء العالم إلى التصريحات التي أطلقها رئيس الاحتياطي الفدرالي الأميركي بن برنانكي في وقت سابق وأشار فيها إلى احتمال البدء بعملية تقليص تدريجية لحجم البرنامج الشهري لشراء السندات.

وهي التصريحات التي دفعت المستثمرين للقيام بعمليات بيع مجنونة لجميع أنواع الأصول المالية. لقد تأثرت الأسهم بطبيعة الحال بهذا التطور وتبعها في ذلك قطاع السندات، كما شهدت الأيام القليلة الماضية عمليات بيع مكثفة لعملات الأسواق الناشئة.

وجاءت هذه التطورات بمثابة تذكير جديد لحجم اعتماد الأسواق والمكاسب التي تحققها على السياسات النقدية الميسّرة جداً التي تعتمدها معظم البنوك المركزية حول العالم بدرجة تفوق اعتمادها على النمو الاقتصادي الكامن.وشكّل التحذير الذي أطلقه صندوق النقد الدولي حول هشاشة الاقتصاد العالمي، في رأيي، تحذيراً للبنوك المركزية بأن أوان البدء بالتخفيف التدريجي لإجراءات التيسير الكمّي لا يزال مبكراً جداً.

لقد ذَكَّرنَا صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بمدى هشاشة النمو الاقتصادي العالمي وذلك بإعلانهما خفض التوقعات بالنسبة للاقتصاديات الرئيسية، في حين كان البنك المركزي الأوروبي يقوم بالمثل عبر الرضوخ مرتين لعمليات تمديد العجز المحدد في ميزانيات الدول الأعضاء في منطقة اليورو مقابل الناتج المحلي الإجمالي .

وذلك من أجل السماح بتخفيف إجراءات التقشف والتركيز على الإصلاحات. وفي هذا الوقت لا تزال معدلات البطالة العالمية عند مستويات خطرة، والتضخم في مستويات مناسبة أما مؤشرات ثقة المستهلك فهي في حالة كساد، وأضف إلى ذلك كله المخاوف من تباطؤ الاقتصاد الصيني.ولا تزال البيانات الاقتصادية الأميركية تُظهر تراجع معدلات البطالة، وارتفاع حجم الإنفاق الاستهلاكي وانتعاش سوق الإسكان.

ولكن الاقتصاد الأميركي على الرغم من ذلك ليس بمنأى عما يحدث في جميع أنحاء العالم. أعتقد أن بن برنانكي يعاود التفكير بمسألة البدء بالتخفيف التدريجي لحجم برنامج شراء السندات ومخاوفه يجب أن تتركز على انخفاض معدل التضخم وليس على النمو الاقتصادي القوي. لقد قلصت معظم البنوك المركزية لمستويات التضخم المستهدفة، وهذا أمر مثير للقلق للغاية في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي نمواً ضعيفاً مترافقاً مع إجراءات تقشفية صارمة.

هل كان للتصحيح الأخير في أسعار الأسهم والسندات والعملات ما يبرره!

الجواب بسيط للغاية، كل ذلك متعلق بالتقييمات. لقد ذكرت أكثر من مرة أن مستوى العائد القياسي على السندات ليس مستداماً بغض النظر إذا كانت البنوك تشتري أو لا. العائد مبالغ فيه ولا يتم الدفع للمستثمرين للاحتفاظ بهذه السندات حتى ولو كانت درجة تصنيفها من الأعلى. وعلى العكس من ذلك فإن هذه السندات بالذات مبالغ فيها بشكل كبير لأن المستثمرين يسعون وراء السندات الآمنة. إن حجم المبالغة في تقييمات الأسهم أقل بالمقارنة مع السندات والنقد.

 

Email