تنافسية الديمقراطية الإماراتية (2/2)

ت + ت - الحجم الطبيعي

أفرز نظام الحكم لدينا قيادات تولي اهتماماً كبيراً بتحقيق عناصر النمو المستدام، حتى أضحت دولة الإمارات اليوم من أكثر الدول تقدماً ونمواً في كافة المجالات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.

بينما انزلقت دول أخرى نحو دوامة الصراعات الداخلية على المقاعد، وتسارعت معها وتيرة الحزبية والتغيير حتى أصبح معدل ثبات الحكومات ضمن الحدود الدنيا التي يصعب معها أن تقوم الحكومة بتنفيذ أي مشروع أو تقديم أي التزام تجاه تطور المجتمع وتحقيق رفاهيته، فذهبت معها مقومات التطوير والتحديث..

وظلت تلك الدول متأخرة لسنوات عدة عن ركب التطوير والتحديث الذي وصلت إليه دولة الإمارات، فتجربة أربعة عقود ونيف من الحكم أظهرت بما لا يدع مجالاً للشك بأننا ولله الحمد حظينا بقيادات رشيدة في حكمها، متفانية لخدمة شعبها، فموقعنا اليوم في الصدارة بحكم مؤشرات التنافسية العالمية، والأمور في النهاية تقاس بنتائجها، والمتفحص لواقع حال الكثير من الدول من حولنا، والتي تباهت بتقدمها الديمقراطي، سيستشعر أن حجم المنجزات التي تحققت على أرض واقعنا أكبر من طموحات أدبيات تلك الديمقراطيات.

فمن وجهة نظرنا، ما تحتاج إليه الشعوب هو ضمانات لتحقيق طموحاتها وتطلعاتها، وتحقيق مبادئ العدالة والمساواة الحقيقية النابعة عن مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف. فالشعوب لا تحتاج إلى ممثلين ومدعين للديمقراطية يمثلونها في غرف مغلقة، بعيداً عن الواقع الذي تعيشه، ولا تحتاج إلى وضع أطر لعمل حكومي يقوم على مبدأ وضع الحواجز بين القيادة والشعب.

وإنما تحتاج إلى قيادات لها جذورها الممتدة عبر مر التاريخ، تحمل عبق الماضي وأصالته.. قيادات هي جزء من التراث والعادات والتقاليد الأصيلة التي يقوم عليها المجتمع، لتتمكن من المساهمة بالتطوير والتنمية مع الحفاظ على الموروث الحضاري والثقافي للمجتمع بعيداً عن استيراد عادات دخيلة أو استهجانها بحجة تطوير المجتمع.

وفي المقابل يتحتم علينا نحن كشعوب ألا نكتفي بالمطالبة بما لنا قبل أن نلتزم بما علينا تجاه دولتنا وولاة أمرنا، علينا أن ننصرف نحو تحقيق التزاماتنا والقيام بواجباتنا كل في موقعه، كأرباب أسر، وموظفين، علينا أن نسهم في بناء اللبنة الأساسية للمجتمع بناء صحيحاً وفق قيم دينية ومجتمعية تحافظ على الموروث من التقاليد الحميدة.

وتتقبل الجديد بما لا ينسف بنية المجتمع، أو يحدث خللاً أو انفصاماً لدى الأجيال، ونسهم أيضاً في بناء دولتنا وتعزيز أمنها، ونترك لولاة أمرنا تصريف شؤون الدولة الداخلية وتنظيم علاقاتها الخارجية. فقد أمرنا ديننا الإسلامي الحنيف بطاعة ولاة الأمر.

حيث قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ). وقال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: (على المرء المسلم السمعُ والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصيةٍ فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة)، وقال صلى الله عليه وسلم: (من خلع يداً من طاعةٍ؛ لقي الله يوم القيامة ولا حُجة لهُ، ومن مات وليس في عُنقه بيعةٌ مات ميتة جاهلية)، وفي رواية له: (ومن مات وهو مفارقٌ للجماعة فإنه يموت ميتة جاهلية).

فالمشاركة مطلوبة، ولكن ضمن حدود المنطق، وضمن أطرها الصحيحة، وما أتاحه لنا ولي الأمر من تنظيم وإدارة لشؤون الدولة، فهو أوكل تلك المهام لمجلس الوزراء الذي قام بدوره بتعيين مجموعة وزراء ضمن إطار تنظيمي يضمن كفاءة الأداء وفعاليته، وتقوم تلك الوزارات بعمليات التخطيط والتطوير ومشاركة المجتمع كل في مجال اختصاصه، كما يقوم المجلس الوطني الاتحادي بدوره التكميلي من خلال تمثيل المجتمع ومراجعة التشريعات واقتراح المشروعات والسياسات.

وفي النهاية يظل الشعب الإماراتي كبقية شعوب العالم هو صاحب القرار الأول والأخير في تحديد مصيره من خلال قيادته التي تمثله، والتي هي جزء منه، فنحن لا نحتاج إلى أحزاب أو جماعات تمثلنا أو تدعي ما تدعيه بحقنا..

وتضع الحواجز بيننا وبين قيادتنا؛ بل نحتاج إلى أن نحافظ على منجزاتنا التي تحققت، لأننا نعيش في دولة لا تعترف بوجود الحواجز بين الشعب وولاة الأمر، دولة يبادر ولي الأمر بالوصول إليك إن لم تتمكن من الوصول إليه، دولة عرّفت الديمقراطية من منظور تحقيق رفاهية المجتمع وليس الانشغال بالآليات والأنظمة العقيمة، فنحن نعيش في دولتنا قصة حب وولاء وانتماء، قصة لن يفهمها إلا نحن، من نعيشها بكل تفاصيلها.

أما أولئك الذين تهجموا وتحاملوا على دولة الإمارات، فقد أسهم هؤلاء في تعريف العالم أجمع بمكانة دولة الإمارات العربية المتحدة، وعكسوا دون أن يدركوا قوة الارتباط بين القيادة والشعب، وكان في المقابل اختباراً للشعب الإماراتي الوفي في قياس حبه وولائه لقيادته وقناعته بمنجزاته المتحققة، وتأييده لقرارات ولاة أمره ونهجهم وسياستهم الناصعة البياض، فهم لم يزيدونا إلا قوة وارتباطاً.

 

Email