«وين مسافرين»؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

سؤال يطغى على غيره عند قرع جرس نهاية السنة الدراسية، وعادة تكون الإجابة بحجز التذاكر والفنادق وشراء ما يلزم، للحصول على قدر من الاستجمام والراحة مغلفة بشكر المولى عز وجل على نعمه اللامتناهية.

من أهم عوامل نجاح أي رحلة، سواء كانت لقضاء إجازة أو عمل، المحافظة على أعلى درجات الصحة والعافية خلال الفترة المنشودة، وهناك ثلاث مراحل مهمة يجب الالتفات إليها. المرحلة الأولى هي ما قبل السفر، فكل منطقة في العالم تحتوي على أنواع معينة من الجراثيم والميكروبات التي لا تفرق بين مسافر ومقيم. فهي، بالعكس، تتميز بالكرم الحاتمي وخاصة للزائرين الجدد.

 ولتجنب الإصابة بذلك توجد تطعيمات خاصة لبعض أمراض السفر المهمة، مثل الحمى الصفراء والملاريا وغيرها، متوافرة في عيادات المسافرين في الدولة. التحدي ليس في التطعيم بل في انعدام ثقافة «الوقاية خير من العلاج»، وخاصة إذا علمنا بضرورة أخذ التطعيمات قبل أسبوعين من موعد السفر.

ولا ننسى حقيبة السفر.. أعني الجانب الصحي من أخذ خافضات الحرارة، وخصوصاً عند وجود الأطفال، مضافاً إليها أدوية ألم البطن والجفاف والإسهال. أما المصابون بالأمراض المزمنة، فزيارتهم لطبيبهم ومراجعة الأدوية أمر مفروغ منه. لكن هنا التفاتة لطيفة لذوي الأمراض المزمنة، وهي أهمية استخدام توقيت البلاد الأصلي وليس توقيت المدينة المقصودة، عند أخذ الجرعة اليومية لتجنب الوقوع في أي مضاعفات.

ركوب الطائرة والبقاء فيها أثناء السفر هو المرحلة الثانية، حيث ينصح للذي يمضي ساعات طويلة في الطائرة، بأن يتمشى بضع دقائق، وذلك لتلافي تخثر الدم وتجمعه في قاع القدم، الذي تسببه وضعية الجلوس غير المريحة في مكان ضيق، حتى وإن كان الشخص غير مصاب بأي نوع من الأمراض، حيث أشارت بعض الدراسات إلى إمكان تسببه في مضاعفات صحية على الرئة. في طفولتي كنت أستأنس عند ركوب الطائرة، والسبب معروف؛ توزيع الحلوى المصاصة. وبعد سنوات اكتشفت السر وراء هذا العرف المتكرر؛ حماية الأذن.

من لطف الله عز وجل تساوي ضغط الهواء بين محيط الجسم وأعضائه الداخلية، وعند صعود الطائرة ينخفض ضغط الهواء الخارجي، وبالنتيجة يتحرك الهواء الموجود داخل الأعضاء (الأذن، الأمعاء) إلى الخارج، محدثاً انتفاخ البطن البسيط وانسداد الأذن المؤقت.

وعند هبوط الطائرة يحدث العكس، فيحاول الهواء الخارجي عالي الضغط دخول الجسم مسبباً ألم الأذن المؤقت. أكثر من يعاني هنا هو المصاب بالرشح والزكام، لعدم قدرته على إحداث التوازن المطلوب بين جانبي الأذن، وهنا يأتي دور الوقاية بأخذ مضادات الاحتقان قبل ركوب الطائرة.

من المهم أن يحرص الركاب والطاقم الموجود في الطائرة على شرب السوائل، لأن الهواء الجاف يسبب جفاف الأنسجة والغشاء الأنفي، وفي حال تفاقمه يمكن أن يؤدي إلى قصور في الكلى. وطبعاً المقصود بالسوائل هنا، هو إكسير الحياة «الماء».

أما المرحلة الثالثة فتبدأ عند الوصول لبلد الزيارة.. هل سألت نفسك كيف تتصرف في حالة التعب أو المرض؟ طبعاً لا نتمنى حصول هذا، لكن التغاضي ليس هو الحل. فلا ضرر عند التخطيط لزيارة المعالم السياحية، من معرفة أقرب عيادة أو صيدلية من مقر الإقامة. وفي الفترة الأخيرة قامت الدولة مشكورة بإرسال رقم السفارة بمجرد الوصول وفتح الهاتف في بلد المضيف.. جهود مشكورة في سبيل راحة المسافر.

كثير من البلدان فيها الكثير من الطبيعة الخلابة والبحيرات التي لا يحلو النظر إليها إلا من الأماكن المرتفعة، والوصول لهذه المرتفعات يصاحبه انخفاض ضغط الأوكسجين.

وبالتالي صعوبة حمل كرات الدم الحمراء له، ووصول كميات أقل منه لأعضاء الجسم المختلفة، مسببة الدوخة والغثيان. وبما أن الكثير من عوائلنا لديهم أفراد يعانون فقر الدم والثلاسيميا، فيجب ألا يجرفنا حماس السفر والاستكشاف إلى السقوط في فخ صعوبة التنفس وتبعاتها.

وأختم ببعض الأبيات المتعلقة بفوائد السفر، على لسان أحد الصالحين:

تغرب عن الأوطان في طلب العـلا وسافر ففي الأسفار خمس فوائد

تفـرج هـم واكتسـاب معيشـة وعلـم وآداب وصحبة ماجـد

فإن قيل في الأسفار هـم وكربـة وتشتيت شمل وارتكاب الشدائـد

فموت الفتى خير له مـن حياتـه بدار هوان بيـن واشٍ وحاسـد

 

Email